الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

القطن الفارسي.. أنقذ بريطانيا من الإفلاس وانتهى بسبب المجاعة والجراد

القطن الفارسي

الحال في طهران لم يكن كالوضع في الولايات المتحدة الأمريكية خلال 1861 و 1865 م، فالأولى يستقر بها ناصر الدين القاجاري دون أن يتوقع نهضةً ستأتي لـ “القطن الفارسي”، بسبب الحرب الأهلية الأمريكية التي يحاول أبراهام لينكون في البيت الأبيض أن يحلها.

كان ناصر الدين القاجاري هو أطول شاهات إيران حكماً في عهد الأسرة القاجارية، حيث استمر حكمه 48 سنة قضاها في تحديث المجتمع الفارسي على النسق الغربي، ويحاول أن يقتنص بلدة هراة الأفغانية ويضمها لدولته لكن بريطانيا كانت تقف له بالمرصاد.

ناصر الدين القاجاري - لينكون
ناصر الدين القاجاري – لينكون

لم يتمكن ناصر الدين أن يكسر شوكة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لكنه نجح في أن يجعلها تحتاج إليه عقب اندلاع أعمال الحرب الأهلية الأمريكية، كون أن القطن يعتبر من المصادر الرئيسية التي تساعد الصناعة الإنجليزية في النسيج، والذي كان يأتي من أمريكا، وكان لابد أن تبحث بريطانيا على مصدرٍ آخر بسبب هذه الحرب.

فشلت الهند عبر الشرقية الإنجليزية في توريد القطن الخام الذي يلزم بريطانيا، مما أدى إلى زيادةٍ في سعر القطن بشكلٍ مبالغ فيه، مما جعل الفرصة أمام بلاد فارس سانحة للدخول في الاقتصاد العالمي، حيث كان المزارعيين الفُرْس يوردون ما يلبي احتياجات الطلب المحلي.

خطاب لويس بيلي للحكومة الإنجليزية بشأن القطن الفارسي
خطاب لويس بيلي للحكومة الإنجليزية بشأن القطن الفارسي

تعطي الدراسة التي كتبتها كارين ستابلي، المتخصصة في أرشيف المملكة المتحدة، جانباً من الدور الفارسي في إنعاش مصانع لندن حيث تقول “توقف المزارعون الفارسيون عن زراعة الذرة لأجل زراعة القطن، كان الزخم الناتج عن الحرب الأهلية بالنسبة إلى بلاد فارس كبيرًا.

بحلول سنة ١٨٦٤، كانت بلاد فارس قد شحنت بالفعل ما يعادل ٤٢٠ ألف رطل من القطن الخام إلى بريطانيا وتوقعت تسويق عشرة أضعاف هذه القيمة في الموسم التالي، وكان سعر القطن حينها مرتفعًا جدًا حتى إن شحن القطن لمسافة ١٣٠٠ ميل على ظهور البغال من مناطق بعيدة مثل أذربيجان وخرسان إلى بوشهر لتصديره بات مربحًا”.

رسمة من أرشيف بريطانيا في مكتبة قطر عن قطن بلاد فارس
رسمة من أرشيف بريطانيا في مكتبة قطر عن قطن بلاد فارس

رغم الطفرة السريعة التي اتسم بها القطن الفارسي، لكن نهايته كانت سريعة، ويبين لويس بيلي أحد المقيمين السياسيين في الخليج، أن مجاعة 1872 م أدت إلى اكتفاء بلاد فارس بزراعة ما يكفي للطعام، وانتهى الازدهار الوجيز للقطن، بالإضافة للمجاعة كانت هناك مشكلات الشحن والتخزين، بالإضافة للعوامل اقتصادية بسبب الضرائب والجمارك التي فرضتها بريطانيا، وهجمات الجراد في منطقة بوشهر الفارسية التي كانت تسبب في ضياع المحصول بمعدل سنتين متتاليتن.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا