الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

” الواق واق” ليست بعيدة.. الدراما السورية تكسب

الواق واق

أذكر أنه في آواخر الثمانينات والتسعينات كانت  القناة الأولى بالتلفزيون السعودي تعرض يوميا مسلسل بعد نشرة أخبار العاشرة مساء، كانت المسلسلات إما مصرية أو سورية بالتتابع، في ذلك الوقت كنت طفلة أعيش في مدينة جدة ومنها بدأ تذوقي للدراما السورية وتعرفي على نجومها وتعلقي بهم.

بقي في ذاكرتي أنني تعلمت من مشاهداتي أن الدراما هي ما تنحت الوجوه وتستغرق في النفوس وتتوغل بالمجتمعات وكانت  تشبه الدراما المصرية في ذلك الوقت باختلاف طبيعة البيوت والهجة، ورغم ما مرت به سوريا من ظروف عطلت الإنتاج بسبب الحروب والإرهاب إلا أنها ظلت متماسكة عبر رسلها من النجوم والفنانين قوتها الناعمة اللذين حملوا الراية سواء كان الإنتاج خليجي أو لبناني في بعض الأحيان إلا أنهم حافظوا على ظهورهم كغالبية منتصرين ومتصدرين الحضور بلهجتهم وأوجاعهم.

عودة قوية وتألق وسيطرة للدراما السورية هذا العام ٢٠١٨ فمن حيث الكم وصل عدد المسلسلات السورية للموسم الرمضاني لـ ٣١ مسلسل من بينها مسلسلات الإنتاج المشترك وخمسة مسلسلات تم تأجيل عرضها لما بعد الموسم الرمضاني لتعذر ايجاد منافذ عرض  ومسلسلين تاريخيين رغم تحفظي على بعض التوجيه الذي طال سردهما.

حظيت المسلسلات بتنوع في شاشات العرض باختلاف القنوات ما بين فضائية ومشفرة حيث عرضت المسلسلات على عدد متنوع من القنوات السورية، اللبنانية، والخليجية وفضائيتين أردنية ومصرية.

يأتي الاحتفاء هنا بالمحتوى وكما يقولون Content is a king ـ المحتوى هو الملك ـ وفي الدراما يعني بالتحديد القصة والسيناريو والحوار الذي يبرزهما مخرج العمل ولقد رصدت تفوق عام للدراما السوريا على مثيلاتها في الوطن العربي خاصة بعد اتجاه معظم الأعمال للأكشن والسايكو دراما، كان ذلك الاتجاه غالبا على الدراما المصرية أو القصص المعربة عن أخرى أجنبية كما في تجارب لبنانية وفي الحالتين السابقتين جاء ذلك الاتجاه هروبا من التفاصيل واستسهالا للصناعة أفقدها تأثيرها حتى أنك لا تستغرب اذا رأيت مخرج العمل هو من يقوم بالكتابة أو الاستعانة بمبتدئين لكتابة “أي ورق” في أعمال أخرى.

فيما احتفظت الدراما السورية بتشريح المجتمع دون تغييب لتفصيلاته التي تصل في دقتها لعدم انكار غبار الشارع المتعلق بمكنسة عامل النضافة بينما غلب التصوير بطائرات الدرون على معظم الأعمال الأخرى لتأتينا الصورة مرتفعة وبعيدة عن الناس مئات الأمتار حتى ظننت أن محدودية الإمكانيات جاءت لصالح السوريين.

سهل من صعود  المسلسلات السورية الاجتماعية وتفوقها سببين، أولهما ضعف المنافسين في الوطن العربي وثانيهما احتفاظ الدراما السورية بدورها التحفيزي والتحريضي دون توجيه وأوامر  فجة وصريحة ودون تغييب أو تزييف للواقع ولو كان مر، مع التأكيد على بناء الشخصيات كما نعيشها من لحم ودم بخير وشر مجتمعين في الكاركتير ذاته ما جعل تصديقها أمرا بديهيا تبعه التعلق والمتابعة ليكون بالنتيجة التأثير الذي يعني النجاح لأي عمل درامي، لا زلنا نحبس أنفاسنا أثناء متابعة حلقات المسلسلات مع تسارع دقات القلب تصديقا واندماجا، بينما حظيت الأعمال المنافسة بكم من التنظير والنقد أثناء المشاهدة من قبلنا جميعا بعامة المشاهدين ما يؤكد عدم التصديق وغياب تام للمتعة وبالتبعية انعدام التأثير.

أتذكر أنني بكيت لبكاء سلوم حداد الفنان الكبير في مسلسل فوضى حيث كان يلعب دور محامي نزيه في زمن ” أزعر” عديم الأخلاق حين كانت تمارس عليه الضغوط ليتخلى عن مبادئه كيف بدت ثورته في بدايتها عارمة حتى هدأ ولحق بالموج بتطويع وتكيف دون قبول ودون أن يفقد الخير بداخله لكن لغياب القانون الذي كان يجله جعله ينصف المستضعفين أيا كانوا بالقوة والسطوة والبطش أحيانا لينهي دوره الرائع بأطروحة حقيقية لماذا لا ينتصر الخير رغم أنه الأقوى على الشر في الواقع كما في المسلاسلات والأفلام ؟

سبقت الدراما السورية منافسيها بخطوات واسعة حين قدمت هذا العام ٢٠١٨ ضمن الموسم الرمضاني مسلسل “الشك” وهو عمل درامي  تم انتاجه خصيصا للعرض على الانترنيت وبالتحديد علي قانة اليوتيوب الخاصة بالشركة المنتجة، جاءت مدة الحلقة ١٠ دقائق بالتيترات والمقتطفات من الحلقة السابقة ودقيقة ترويجية لكل حلقة ويقوم ببطولة المسلسل ذو الطابع التشويقي مجموعة من نجوم الصف الأول في الدراما السورية مثل بسام كوسا، ديمة قندلفت وصفاء سلطان وغيرهم دون أي تمييز  في استكمال عناصر الإنتاج من حيث الصورة والنص مع الحفاظ على الايقاع والقالب المناسب للعرض على الإنترنيت وهي السابقة التي تحسب لهم دون غيرهم وتستحق عليها الدراما السورية كل تقدير.

إذا كان تقصيرك في المتابعة جعلك تعتقد أن الأعمال الدرامية السورية اقتصرت على الاجتماعية والتاريخية فإليك المفاجاة، خمسة أعمال سورية كوميدية من بينها مسلسل “الواق واق” الكوميدي كان الأجرأ عربيا نص متقن ممثلين عمالقة ومخرج كبير  مثل الليث حجو وتيتر من غناء كاظم الساهر ليصبح البدر مكتملا بالعمل اللذي انتقد الساسة في عالمنا العربي والصراع الأزلي بين أطراف السلطة وحلم الشعوب في حياة هنيئة و .. كفاية كدة واتفرج بنفسك

برافو الدراما السورية عليك الآن عبئ حماية الصناعة حتى إشعار افاقة للبقية.

ملحوظة : الصورة الرئيسية من مسلسل “وحدن” أحد أهم المسلسلات السورية الرابحة هذا العام




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا