الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

دورة حياة الموظف المثالي .. قالك تنمية بشرية

تنمية بشرية

أنت موهوب حقيقي ينتظر فرصته ويسعى إليها فعلا، ترى أن العالم ينتظر أفكارك وإبداعك، أقرانك يشهدون لك بالعبقرية والقدرة على التحدى، تمتلك حلولا بسيطة تجعل الشركة فى الصدارة ، لديك روح المبادرة والعمل ضمن فريق ولست نرجسيا مغرورا تريد الفضل لنفسك دائما …عزيزى أنت شاب لقطة لكن متنقعش تشتغل فى مصر.

فى مصر ممكن أن يتحول بيل جيتس أو مارك أو أى عبقرى الى موظف عادي يحمل كيس جوافة يستمتع به أمام التلفزيون وهمه الوحيد هو الاستيقاظ مبكرا قبل أن يرفع دفتر الحضور .

مؤهلاتك لن تشفع لك وحتى كل كتب التنمية البشرية التى ستقرأها وتجربها لن تفيدك ..يا حبيبي أنت فى مصر..لا تحاول أن تحب عملك كما يقول لك خبراء التوظيف ولا حتى تحب مؤسستك، لن تنفعك كل الحيل والدروس والكورسات والشهادات فى النهاية ستستسلم وتقتنع أن من الأفضل لك ألا تفعل شيئا وتتقاضى مرتبك فى نهاية الشهر.

حاول أن تبذل مزيدا من الجهد، تحدث بحماس عن تفاصيل العمل، انفعل مع أقل خطأ،  تحمل جزء من مهام زملائك، ابحث عن أزمات الشركة الكبرى، ضع حلولا وخططا زمنية للتطور…هل تظن أن هذا يفيد؟

أول شهور

الحلم بتغيير الواقع حق أصيل لكل إنسان لكن بشرط ألا يتحول الى فعل، فى الشهور الأولى من إستلام وظيفتك– احمد ربنا إنك اشتغلت– ستحلم بتطوير الشركة كى تصبح رائدة فى مجالها، ستتحدث مع زملائك فى العمل– الجدد غالبا- عن أفكارك ومبادرتك وخطتك العظيمة..لا بأس، إذا كان رئيسك فى العمل رقيق القلب متفهما يحب حماسك فى العمل سيحدثك عن الأزمات المالية التى تعانيها المؤسسة والتى لا تسمح بتنفيذ خطتك الطموحة، كما سيلفت انتباهك الى ضرورة أن تفكر فى عملك ومهامك فقط وتترك هذه الأمور لمن يفهم أكثر.

بالتأكيد ستتفهم وجة نظرة ولكنك ستستمر فى وضع خطط أخرى بتكاليف أقل، ستفشل أيضا لا تقلق، سيخبرك بأن المؤسسة تسير وفق معطيات بعينها ولا يجوز أن تحرك الأشياء بسهولة هكذا.. سيحتد عليك ويخبرك بأخطائك الكثيرة فى العمل، إذا لم تستسلم هنا وتقع فى فخ عدم الثقة فى النفس، ستحاول أن تضع مجرد قواعد تسهل سير العمل، مجرد قواعد لا تكلف المؤسسة سوى أوراق طباعة القرارات وإعلانها… تعجبنى سذاجتك فعلا.

المرحلة الوسطى

أنت الآن فشلت فى تطبيق كل أحلامك بالتغيير ، ستقول لتذهب الشركة الى الجحيم، تفتح عدداً من كتب التنمية البشرية ، تؤكد لنفسك أنك الآن تصنع مجدك الشخصي ولابد أن تطور مهاراتك وأدواتك وتستفيد من الخبرة فى العمل، ردد أمام المرآة: أنا أحب عملى فقط.. أنا أعمل ما أحب.. ابحث عن دورات تدريبية لتصقل مهارات وتستفيد من الجديد.. صدقنى أنت ما زلت فى مرحلة المراهقة الوظيفية…استمتع الآن.

زملائك القدامى فى العمل سيتركون لك كل المهام التى تحتاج الى مجهود أكبر وصعبة نسبيا، ستكتشف بعد ذلك أن خطتهم هى ببساطة إنجاز عملهم بسرعة ويسر، وقضاء باقى دوامهم فى إنتظار الإنصراف، وفى نفس الوقت تصويرك أمام رئيسك فى العمل كأنك بطيء وما زلت تحتاج الى تعليم، حينها ستفقد الثقة فى نفسك وفى قدراتك ويظل الوضع هكذا حتى يلتحق بشركتك زميل جديد .

فى البداية ستكون محبوباً من الجميع.. تبتسم فى وجه كل الموظفين، تبادر دائما بالمساعدة، لكن فى المرحلة الوسطى ستكتشف أن المؤسسة عبارة عن “شلل” كل حزب يحارب الآخر، ستكتشف معانى جديدة مثل الوشاية.. المؤامرات.. تبرير الأخطاء.. الترقب الدائم.. فائدة جروب العمل على الفيس بوك.

الآن لابد أن تحدد موقفك وتنضم إلى أحد “الشلل”، وإذا لم تنضم صدقنى ستُهمل بشدة لأنهم لن يثقوا بك أبداً وفى النهاية ستطرد .

النهاية

 فى هذه المرحلة، أنت وصلت إلى الإشباع، إلى المنتهى، إلى الغاية التى تعمل من أجلها، ستجدها داخل خلايا مخك، وستكتشف أنك أهدرت سنوات من عمرك هباء، وستردد: أنا موظف في شركة منذ خمس سنوات، وخلال هذه السنوات لم أحصل على ترقية ولم أتقدم في عملي، ولكني مرتاح جداً فأنا مجرد من المسئوليات، آتي للدوام أكمل مهامي البسيطة وأقبض راتبي نهاية الشهر, إنها منطقة الراحة.

 “شلتك” ستدافع عنك وتمحو آثار غيابك وعدم عملك، وإذا قررت أن تحصل على منصب لا تستحقه سيدفعوك للإمام– وكله بثمنه-.

كل ما تحتاجه فى هذه السنوات أن تتكيف مع الوضع، حتى تطمئن تماما أنك مثل ضرس العقل؛ لا يمكن خلعه إلا بمضاعفات وألم، وبعدها افعل ما شئت ولا تقلق الشركة لا تريد منك أكثر من هذا.

ستكتشف أن المهارة الوحيدة التى تحتاج إلى تطوير هي التكيف مع عدم الراحة، والصعوبة، ودفن الحماس، وقتل المبادرات، ونسب كل الفضل لما تفعله.

ستبدأ دورة حياتك المهنية فى الصعود الى ما شاء الله لها، ستخسر نفسك؟ نعم، ولكنك ستكسب راتبا جيداً بمجهود أقل ووظيفة مضمونة .




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا