الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

كوثر مصطفى .. فيلسوفة بلد البنات

كوثر مصطفى

هى اتيه من زمن الشعر الحقيقى حيث الجمهور الشغوف بالقراءه , جمهور يصنع الفنان فى هدوء ودون استعجال فى الحكم على موهبته  يستطيع ان يميز بين الصالح والطالح يحكم بمعاييروبضوابط حقيقيه وثيقه الصله بثقافته ومدى تبحره فى القراءه يبحث عن قيمه ومضمون من شأنها الارتقاء بذائقته الفنيه, زمن لامكان فيه لمواقع تواصل اجتماعى تبيح النشر المجانى لكل من هب ودب وتصنع من انصاف الموهوبين واحيانا عديمى الموهبه نجوما يحكمه معيارا من الهوس باللايكات وبالشير وبالمتابعين .

هى الموهوبه جدا التى فرضت اشعارها الجريئه على المحيط الثقافى المصرى فى الثمانيات والتسعينات والتى تحمل بين طياتها هموم الوطن وهموم البنت المصريه بمضامين انسانيه بديعه تغذى الروح وتحمل شعار الصدق والبساطه والعفويه , امتداد حقيقى وفرع شعرى اصيل اتى من نفس الارض التى انجبت جاهين والابنودى وعبد الرحيم منصور, على الرغم من رفض الدوله نشر اول ديوان لها ( موسم زرع البنات ) بحجه عدم ملائمته للنشر الا انه عندما استمع الي اشعارها احد متحدى بيرقراطيه الدوله الدكتور ( عبد الحميد يونس ) قرر مساعدتها بنشر الديوان  و كتب مقدمته تشجيعا لها هى بأختصار غير كل البنات لانها  فيلسوفه بلد البنات ( كوثر مصطفى ) .

اسم الديوان الاول لكوثر مصطفى لفت نظرالمخرج ( خيرى بشاره ) واجبره ان يلتقطه من على رصيف احد باعه الصحف وقرر شراء جميع قصائد الديوان . ومن ثم استعان بكوثر مصطفى لكتابه اغنيات فيلمه الذى سيقوم ببطولته محمد منير ويسرا ( طعم الدنيا ) والذى لم يرى النور لظروف انتاجيه  . تقرر بعدها كوثر مصطفى الهجره الى اسبانيا تاركه احدى قصائدها ( ساح يابداح ) كهديه للمطرب محمد منير ومعها اغنيات الفيلم الذى لم يكتمل ويقرر منير تنفيذ القصيده مع الموسيقار (فتحى سلامه) لتبدأ بدايه كوثر مصطفى الفعليه بتلك التحفه الفنيه فى البوم ( افتح قلبك ) و الذى رأى فيها منير انها الاجدر بأن تحمل هم التجربه الصعبه جدا له وان تصل ما انقطع برحيل الشعراء الكبار المؤثرين فى تجربته الفنيه .

تقرر كوثر مصطفى العوده مره اخرى الى مصر بعد رفضها فكره الهجره بعيدا عن الوطن ويبدأ التواصل مع منير مره اخرى بأغنيه ( العالى يابا ) والتى لحنها رفيق رحله الكفاح الراحل حسين الامام .

بدأت اشعار كوثر فى تحريك الماء الراكد فى الشعر الغنائى فى التسعينات بمفردات جديده وطرح غنائى صادم  يسير عكس تيار افكاره المنحصره فى الغناء العاطفى السطحى فسرعان ما لفتت الانتباه اليها بأغنيه (شدى الضفاير) من غناء حنان ماضى والتى تعبر فيها عن مشاعر فتاه مراهقه بريئه يدق قلبها بالحب لأول مره  وتخشى مواجهه العادات والتقاليد الصارمه .

فى ظل محاولات فرديه بسيطه لم تستمر لشاعرات مثل ( فاطمه جعفر وهند القاضى وعلا زيان ) أو واعتماد مطربه مثل ( عايده الايوبى ) على نفسها فى صياغه اغنياتها ظلت كوثر مصطفى تقريبا الصوت الشعرى النسائى الوحيد الذى وقف صامدا فى مواجهه سيطره شعراء الاغنيه الذكور  وعلى الرغم من تجاوز موهبتها اغلبهم واصرارها طول الوقت على انها شاعره عاميه لا تكتب الاغنيه بشكلها التقليدى و انها تجد فى شعرها العامى براحا اكبر من عدم التقيد بقوالب الاغنيه التى يعتاد عليها الجمهور ويشعر قلمها بحريته فيه الا انها سجلت حضورا لافتا فى كل مره كانت تصدر لها اغنيه وبالطبع لم تكن الخيار الاول لمطربى الغناء الاستهلاكى السطحى بل كان يستعين بأشعارها من يعرف قيمتها جيدا كشاعره متمكنه تحمل كلاماتها فكرا مختلفا عن الوسط الغنائى الذى يبحث عن الانتشار على حساب القيمه او المضمون .

رصيد كوثر مصطفى تجاوز المئه اغنيه تنوعت مابين البومات المطربينومابين السينما ولمنير الرصيد الاكبر من اشعارها بحوالى اربعه وعشرون اغنيه متنوعه وممكن ان نقول انها سطرت اهم اغنيات منير فى العشرون عاما الماضيه اشهرها بالطبع ( يابنت ياللى و سو ياسو واخرج من البيبان ومدد يارسول الله و شتا وامر الهوى وبنات وحبه حبه  وليالى وعلى صوتك بالغنا ) والاخيره تعتبر احد النصوص العربيه التى تستعين بها فرنسا فى مدارسها بالاضافه الى تعاملها مع ريهام عبد الحكيم وخالد شمس واكرم مراد وامال ماهر وسيمون ومحمد الحلو. وكتبت للسينما اغانى افلام ( انت عمرى و سكوت هنصور وخيانه مشروعه والكافيير وصياد اليمام ومفيش غير كده )

وعلى الرغم من موهبه كوثر مصطفى الكبيره الا انها لم تعامل بما يليق بتلك الموهبه الامر الذى جعل احد مذيعى التليفزيون المصرى يخطأ فى اسمها عندما استضافها فى احدى المرات  ودافع عنها الراحل حسين الامام فى احدى البرامج عند الحديث على ازمه الغناء وحصرها فى ضعف النصوص الشعريه قائلا انه لا توجد لدينا ازمه فى النصوص  فلدينا شعراء اقوياء وذكر اسم كوثر مصطفى وانها  موهبه كبيره جدا لم تأخذ حقها فى الظهور والانتشار ويتم معاملتها ماديا بشكل يبخس من حقها كثيرا عندما يتم الاستعانه بها فى اى عمل تابع للدوله .

اصدرت كوثر مصطفى عده دوواين باللغه العاميه بعد ديوانها الاول ( موسم زرع البنات ) فأصدرت بعده (حكاية ديل حصان)  و ( لسه الأغاني ممكنة ) و (مركب ورق ) و ( نص ميت نص حي ) وتستعد لاصدار الاعمال الكامله لها حاليا وعنوان ديوانها الاخير كان تتر مسلسل من غناء المطرب محمد الحلو  رفضه الرقيب لعدم التزامه بالشكل التقليدى للاغنيه فى بيروقراطيه وتعنت واضح من القائمين على المحتوى الذى يقدمه قطاع الانتاج فى الدوله المصريه .

اشعار كوثر مصطفى كانت ومازالت حاضره وبقوه فى الاذهان خلال مشوار غنائى طويل سطرت فيه اغنيات مهمه معجونه بشجن انسانى يتماس مع هموم البشر يتحدى القهر والشر ويحلم بأقتناص الفرح من وسط مأسى الحياه يهون من قسوه الظروف يحلم بعالم سعيد ينسى احزان الماضى بفلسفه بسيطه تحمل فى طياتها عمقا كبيرا او كما قالت فى اغنيتها العظيمه ( اخرج من البيبان )

كل شئ بيدبل

لوحده فى الخريف

عيش سنين شبابك

بقلب مش ضعيف

ده الحلم نار ونور

لو ثار الكون يثور

اضحك وارقص ودور

وافرح باللقا

اخرج من البيبان

الحر الضيقه

الكون صابح جميل

والدنيا مروقه




 تعليقاتكم

  1. كالعادة دائما تكتب ما يدور أذهاننا وما نود قرائتها بالفعل بأسلوبك الرائع البسيط المحبب للنفس والقريب إلى كل العقول والمستويات القاء الضوء على من يستحق واعادة الحقوق والفضل لاصحابها أصبحت سمة من سمات مقالاتك التى ننتظرها بشغف وبصفة انها هتعبر عن رأى القاعدة العامة من متذوقى الفن الجيد المحترم بكافة اشكاله والوانه اشكرك جداا وخالص التحية والاحترام

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا