في عام 1990 كان لأحمد زكي أربعة أفلام في دار العرض في مواسم متعاقبة خلال العام وهم، امرأة واحدة لا تكفي، والبيضة والحجر، والإمبراطور، وبالطبع كابوريا، بينما كان لعادل إمام فيلمين هما جزيرة الشيطان وحنفي الأبهة، لماذا عادل إمام وأحمد زكي، لان ببساطة هذا هو الفرق بين نمطين ومدرستين في عالم التمثيل.

في عالم المسرح ستجد العديد من مدارس التمثيل ولكن أهمهم وأشهرهم مدرسة ستان سان سلافسكي ومدرسة برتولد بريخت، مدرسة تقوم على استحضار الشخصية والتقمص ومدرسة تقوم على الانفعالات المتوالية والتحول السريع، في الواقع أحمد زكي ونور الشريف ينتميان بقوة لمدرسة ستان سان سلافسكي، بينما عادل إمام ينتمي لمدرسة أخرى غير تلك المدرستين بالأساس.

أحمد زكي يتقمص الشخصية التي يؤديها لدرجة انه لولا لقاءاته التلفزيونية لم نكن لنعرف شخصية زكي الحقيقة، فهو يتوارى دائما خلف الشخصية وينفصل عن ذاته ليصبح هو حسن هدهد في كابوريا وحسام منير في امرأة واحدة لا تكفي وغيرها من الأدوار، هذا الانصهار الكامل داخل الشخصية جعل أحمد زكي تلك الموهبة التي يتحدث عنها الجميع.

عديدون هم من ينتهجون نفس منهج زكي في التمثيل، فيتحولون لممثل الشخصية، عديدون لدرجة أن مجرد محاولة ذكر الأبرز منهم ستلتهم الموضوع بأكمله ولكن يكفي أن نشير أن ممثل مثل جاك نيكلسون ينتمي لتلك المدرسة وأيضا مارلون براندو وغيرهم الكثير والكثير من الممثلين.

بينما كان أكثر انتقاد يطال عادل إمام في تاريخ حياته انه لا يقدم شخصيات بل يقدم ذاته في كل عمل، وهذا بشكل أو باخر صحيح نوعا ما، لأنه يعتمد على مدرسة ربما أحب أن أطلق عليها اصطلاحا ممثل البصمة، ممثل شخصيته، وهي مدرسة تعتمد على تطويع الشخصية المكتوبة في الفيلم لتدخل تحت عباءة شخصية الممثل المعروفة، ومن خلال نفسه وشخصيته الحقيقة يقدم الشخصية في الفيلم فقط هو يضيف لشخصيته بعض التفاصيل المختلفة في كل مرة ولكن يظل الهيكل واحد.

مثال في عام 90 كما ذكرنا قدم جزيرة الشيطان وحنفي الأبهة، الشخصيتان خرجتا من قالب واحد وهيكل واحد وهو هيكل عادل إمام، ولكن ها تستطيع أن تقول إن الشخصيتان متطابقتين، بالتأكيد لا، هما فقط يتشابهان في تصرفات بسيطة ولكنها غالبة، في المقابل كان يجب على جلال في جزيرة الشيطان أن يكون سكير، في حين أن حنفي الأبهة هو المجرم الذي يحارب مجرمين، هاوي النساء، بينما جلال كان معتزل النساء.

تأثر جلال بحادثة زوجته هي سبب تحرك الشخصية وعرفناها من خلال تصرفاته، عرفنا انه يحمل حادث سيء في حياته جعله لا يفيق أبدا، بينما حنفي الأبهة له عالمه وشخصيته المستقلة والمختلفة تماما، الفرق هنا أن عادل إمام جعل الشخصية تدخل تحت عباءته هو لا أن يدخل هو تحت عباءتها.

وربما من أشهر الممثلين الذين انتهجوا هذا النهج في هوليوود كان جين كيلي وفريد إستير ومارلين مونرو ولكن أكثرهم تشابها مع عادل إمام كان جاك لمون، الممثل القادر على تطويع أي شخصية تحت عباءته وفي رأيي هو الرجل الذي استقى منه عادل إمام مدرسته في التمثيل والكوميديا أيضا.

أصحاب المدرستان يحملان الموهبة بداخلهم، فموهبة عادل إمام بالفعل موهبة كبيرة وعظيمة ولكن أغلبنا يرى أن أحمد زكي أفضل السبب هو المدرسة والاختيارات الفنية التي قدمها، ولكن إذا أردت أن ترى عادل إمام يمثل من مدرسة أحمد زكي فعليك أن تشاهد الهلفوت وحتى لا يطير الدخان وهذين الفيلمين هما أبسط مثال على موهبة عادل إمام رغم مستواهم الفني بشكل عام الذي قد يختل فعليه الكثير.