في أوائل مارس من العام 1973 م، وصلت حدة الغضب من السادات إلى أعلى درجاتها باتجاه توفيق الحكيم، حيث اتهم السادات الكاتب توفيق الحكيم بأنه شخصية انهزامية، ووجه السادات تهمة إلى الحكيم قال فيها إنه يبث الروح الانهزامية داخل معنويات الشعب المصري الذي ينتظر الحرب طيلة الـ6 سنوات الماضية.

آثر توفيق الحكيم ألا يكتب مقالاً في جريدة الأهرام، يرد فيه على هجوم الرئيس وينفي هذه الاتهامات التي وُجهَت له وقرر توفيق الحكيم مقابلة الرئيس شخصياً لكن تفادياً للصدام أرسل له خطاباً فجر مفاجأة للسادات.

كشف توفيق الحكيم في خطابه الذي وجهه إلى السادات بتاريخ 7 مارس 1973 م، أن وزير الإعلام عبدالقادر حاتم قال للكُتَّاب في ندوة عقدها معهم، أن الحرب ضد إسرائيل لن تكون إلا مناوشة محدودة وليست حرباً حقيقية، وذلك ليتم لفت الأنظار الدولية من أجل عقد تسوية ودية بين مصر وإسرائيل.

أُحْرِج الرئيس حين قرأ الخطاب قائلاً لرئيس تحرير الأهرام إن ذاك محمد حسنين هيكل، وقال إن توفيق الحكيم يجب أن يعقل ولا يقول هذا الكلام، وعبدالقادر حاتم كان مفترضاً له أن يكون رئيس وزراء لكن الآن أنا عرفت حدوده.

عقد السادات مقابلة بعد هذا الخطاب مع توفيق الحكيم بصحبة محمد حسنين هيكل، وكان الأخير يعتقد أن موضوع المقابلة سيكون حول ما قاله وزير الإعلام بلسان رئيس الدولة، لكن الرئيس باغت توفيق الحكيم وسأله عن رأيه في إنشاء دار للأوبرا لتكون بديلةً للمبنى القديم الذي احترق، وكان توفيق الحكيم يهز رأسه لكنه استغرب حين قال السادات “كلفت أعظم المهندسين لتشييد دار كبيرة بدلاً من المبنى الصغير الذي بناه الخديو إسماعيل”.

سبب تعجب توفيق الحكيم أن ميزانية الدولة لا تسمح بالبناء لدار أوبرا أصلاً، فضلاً عن مبنى دار الأوبرا الذي احترق شهد له العالم في رونقه وجماله، لكن التزم توفيق الحكيم الصمت وما كان منه إلا أن يهز رأسه مبتسماً حين قال له السادات “مشاكل مصر لا تمنعني من النظر إلى مستقبلها وصراعنا الحقيقي هو صراع حضاري”.

كان توفيق الحكيم في غاية الحيرة من سبب المقابلة والتي لم تتطرق إلى الموضوع الأصلي، وكأنه سأل نفسه “هل يمكن ما رأيته أن يتم تمثيله في مسرح اللامعقول”.