الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

إلى المؤلف الملاكي .. لا تكن ملكيا أكثر من الملك

المؤلف

ظاهرة المؤلف الملاكي الذي يكتب أعمالًا مخصصة لنجم واحد ليست وليدة هذه الأيام فالتاريخ الفني ملئ بالثنائيات الفنية الناجحة على مستوى الكتابة والتمثيل نجحت قديمًا لأن كان أساسها التفاهم والتعاون وعدم تدخل النجم بشكل كبير فيما يكتبه المؤلف، فنجد أن بديع خيري والريحاني وأبو السعود الإبياري وإسماعيل ياسين قدموا العديد من الأعمال الناجحة الباقية حتى الأن.

اختلف الزمن واختلفت النجومية عما سبق فأصبح النجم هو المسيطر على العمل، يسير خلفه المؤلف الذى يكتب خصيصًا لإرضائه فقط ويظل فريق العمل تحت سيطرته هو بدافع نجوميته فى المقام الأول وبدافع ابتدعه بعض النقاد وهو أن النجم  سيحاسب وحده على نجاح أو فشل العمل.كل

لكل نجم مؤلفه الملاكي الذي يرتاح للعمل معه ويؤمن بأنه الوحيد القادر على الإستماع إلى نصائحه وتفصيل الدور على مقاسه هو فقط حتي لو على حساب العمل نفسه.

يظل يوسف معاطي أهم مؤلف ملاكي فى الحياة الفنية المصرية، فهو يكتب للزعيم عادل إمام منذ أن كان شابًا فى العشرينيات وبدأ معه رحلة فنية طويلة مليئة بالأفلام التى فشل أغلبها ولم تصمد أمام إجتياح سينما الشباب لشباك التذاكر فى كتابه نجوم فى عز الضهر، أفرد “معاطي” فصلين أو لنقل مقالين من الحجم الكبير لمدح شخص الزعيم”عادل إمام” وحكى تفاصيل أول عمل مسرحي قدمه معه “بودي جارد” فى حضور المنتج “سمير خفاجى” شريكه فى كتابه العمل الملاكي لنجم الكوميديا الزعيم.

ظل معاطي يمشي فى ظل عادل إمام يولف له القصص حسب الباترون الذى يقدمه له إمام،  فيظهر وكأنه لازال فى ريعان شبابه وهو المتخطى الستون عامًا فى دور عسكري شرطة حلنجي ودونجوان كما كان فى أفلام الثمانينات ليظهر عادل إمام نسخة الألفية كمحروس بتاع الوزير “، تماهى رأى معاطي السياسي مع رأي الزعيم الذي دائمًا مايسير فى ركاب الدولة  التى كانت تترك الأطياف الأخري تتسلي كما كان يردد رأس النظام “مبارك” فسًخر إمام معاطي لكي يسخر من كافة طوائف المجتمع إخوان ومثقفين ويساريين بل وصل به الحال أن تهكم على أثنان من أكبر شعراء مصر أمل دنقل كما في فيلم “السفارة فى العمارة” وخالد الذكر مولانا فؤاد حداد فى “مرجان” في عداء واضح للمثقفين وهو الفيلم الذى يجعلك تشعر أن كل شئ قابل للشراء داخل مصر حتى الذمم كلها أشياء خرج إمام للدفاع عنها كثيرًا وفي النهاية حمل الجمهور فشل تلك الأعمال إلي معاطي.

دائما ماكانت ترتبط الدراما التليفزيونية بأسماء كتاب لامعيين مثل “أسامة أنور عكاشة” و” محفوظ عبد الرحمن” و”محمد جلال عبد القوي” وهي الأسماء التى كان حضورها فى العمل أهم من النجم الذى يجسد دور البطولة فيه، لكن في حالة الزعيم فأنت أمام شخص هو مركز العمل الفني نفسه، يحدد مساحات الأدوار الأخرى ويختار من يؤديها على حسب مزاجه الشخصي،

بعد خفوت نجم الزعيم بعد أخر أفلامه “بوبوس” قرر الهجرة إلى عالم الدارما، واحتفى النقاد بعودته بعد غياب طويل عن شاشة التليفزيون مصطحبًا معه مؤلفه الملاكي”معاطي” غير عابئ بالفشل الذى لاحقهما سويًا فى السينما، عاد “الزعيم” لكي يكرر أخطاء الأفلام وأصبحت أفكار مسلسلاته تدور حول فلك شخصيته هو فقط، حتى أن أسماء المسلسلات كلها مقتبسة من أسماء الشخصيات التي يقدمها فهو”ناجي عطا الله” و”العراف” و”صاحب السعادة” و”أستاذ ورئيس قسم”.

هل فكر معاطي أنه لو سلم قلمه لأفكاره هو وكتب دون أن يمرر إليه الزعيم كان سيعطى الأعمال تماسكًا أو ستلقى قبولًا أخر، أم اعتمد على شعبية النجم التى إنهارت فى السينما مع أنه كان أحد أسباب الأنهيار فقرر أن يمحي شعبيته فى الفيديو “الدراما التليفزيونية” هي الأخري.

الشاهد أن الكل احتفى هذا العام بمسلسل “عادل إمام” ” عوالم خفية” وخرج “معاطي” لكي يحاسب على فاتورة فشل الأعمال السابقة كلها وبقى الزعيم في مكانه غير عابئ بالمؤلف الذي أرتضى من البداية ان يهمش عقله وفكره لصالح الزعيم الملهم الذى تركه وحيدًا تصب عليه لعنات الجمهور وسهام النقاد القاسية.

فى الوسط الغنائي تبرز ظاهرة الشاعر الملاكي هى الأخرى وبطلها “تامر حسين” الذى تحمل سخط  جمهور عمرو فيما يكتبه وتناسوا أن عمرو نفسه هو من كان يطلب ذلك .

فى أحدى بوستاته على صفحته الشخصية بعد ألبوم “شفت الأيام” لعمرو دياب،  كتب تامر حسين أن الهضبة طلب منه الا يستعرض عضلاته فى الكتابة والحقيقة أن تامر حسين لا يملك الإمكانيات التى تجعل منه شاعرًا عتويلًا يستعرض مهاراته فى الكتابة، فتامر حسين كل أغنياته سطحية ساذجة تسير في فلك واحد هو الغناء العاطفي حتى لو قرر أن يغير من أفكار اشعاره فلن تسعفه إمكانياته لكي يصنع عملًا شعريًا متماسكًا من الممكن أن نقول عليه أنه صادر عن شاعر حقيقي وليس مجرد شخص يعرف كيف يضع الكلمات المقفاة جنبًا إلى جنب.

جاءت الفرصة الذهبية لتامر حسين بعد الخلاف الشهير الذى حدث بين عمرو وفريق عمله السابق “بهاء الدين محمد” و”أمير طعيمة” و”أيمن بهجت قمر” وهم الثلاثي الذى كانت لهم الصدارة في أغنيات عمرو، لم يستغل “حسين” الفرصة لكي يبرز أمكانياته الحقيقة و أرى أن أغنياته مع عمرو لم تختلف مع أغنياته مع سامو زين، فأستعان به عمرو كثيرًا وكان يكتب أحيانا أكثر من نصف أغنيات الألبوم، فى الوقت الذى كانت تطال ألبومات عمرو هجومًا بسبب الكلمات السطحية التى يغنيها فأصبحت الكلمات تحتل المرتبة الأخيرة فى أغنيات عمرو على حساب الشكل الموسيقي في رسالة واضحة للشعراء الا يتعبوا أنفسهم.

في الألبوم الأخير وبعد المصالحة ثم استبعاد ست أغنيات له دفعة واحدة رغم أنه حافظ على وجوده كأكثر شاعر كتب في الألبوم بثلاث أغنيات، لكن لازالت أغنياته تعاني من ضعف واضح، وأعتقد أن الفترة القادمة سيتقلص دور تامر حسين فى أغنيات عمرو دياب كإجراء متوقع منه

في النهاية لن يدرك المؤلف الملاكي أن الوقت سيمر سريعًا، وسيضيق صدر من يستكتبونه وسينتهى به الحال متهمًا بفشل كل الأعمال التى كتبها إرضاءٍ للنجم الكبير .




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا