الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

بشرب الخمر .. كيف كان ينتحر الجاهليين؟

الخمر

الإنتحار كان معروفًا عند الجاهليين كثيرًا، وأصله أن يذبح الانسان نفسه، ثم أطلق على كل قتل للنفس يتعمد صاحبه المنتحر، ومن نوع يسمى “الأعتقاد” يقال”اعتقد فلان أي اغلق بابه على نفسه فلا يسأل أحدًا حتى يموت جوعًا” وكان العرب تفعل ذلك في الجدب، وقيل أن رجلًا وجد جارية تبكي، فقال لها: مابك؟ فقالت: نريد أن نعتقد.

ومنهم من كان ينتحر بشرب الخمر الصرف كثيرًا، ففعلها ذلك”زهير بن جناب وأبو براء عامر الملقب بملاعب الأسنة وعمرو بن كلثوم، وأما زهير فانه أمر ذات اليوم الحي بالرحيل، فقال عبد الله بن عليم وهو ابن أخيه: الحي مقيم، فقال زهير: من هذا المخالف لي؟ قالوا: ابن أخيك، فقال: فما أحد ينهاه؟ قالوا: لا، قال: أراني قد خولفت، وطلب الخمر فشربه صرفًا حتى مات.

وأما أبو براء عامر ملاعب فقد وجبه النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه إلى بني عامر ليقاتلوه على رياسته، فسار اليهم عامر فامتنعو عليه، فغضب وطلب الخمر فلم يزل يشربها صرفًا حتى مات، وأنا عمر بن كلثوم فانه أغار على بني حنيفة باليمامة فاسره يزيد بن عمرو الحنفي فشد به الوثاق، وقال له أأنت القائل: متى تعقد قرينتنا بحبل..نجذ الحبل أو نقص القرينا.

“أما اني سأقرنك ببعيري ثم أطردكما فانظر أيكما بحذ؟ فنادى عمرو بن كلثوم: أمثله يا آل ربعية؟ فاجتمع بنو لجيم ونهوا يزيد بن عمرو عن ذلك، فانتقل به الى قصر باليمامة فدعا عمرو بن كلثوم بالخمر فلم يزل يشربها حتى مات.

وممن حاول الانتحار لكنه لم يتمه، أبو عزة الشاعر، فقد ابتلى بالبرص بعد ما أسن، وكانت قريش تكره الأبرص، وتخاف العدوى، فلم يأكلوا ، أو يشربوا او يجلسوا معه، فكبر ذلك عليه، وقال: الموت خير من هذا، فتناول حديدة وصعد الى جبل حراء يريد قتل نفسه فطعن بها بطنه، فضعفت يده لما أحس بألم الحديدة ومالت الى اسفل بطنه، فسال من جسده ماء اصفر واتفق له أن زال منه البرص.

وممن انتحر من العرب”قزمان الظفري” قال الواقدي في المغازي: وكان قزمان من المنافقين وكان قد تخلف عن أحد فلما أصبح عيره نساء بني ظفر، فقلن له: يا قزمان قد خرج الرجال وبقيت! استح ياقزمان.ألا تستحي مما صنعت؟ ما أنت إلا إمرأة، خرج قومك وبقيت في الدار، فأغضبنه وقام فدخل بيته وأخرج قوسه وكنانته وسيفه، وكان شجاعًا، وذهب يعدو حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يسوي صفوف المسلمين في غزوة أحد، فجاء من خلف اصف حتى انتهى إلى الصف الأول فثبت فيه،وكان أول من رمى بسهم من جهة المسلمين، فقد كان يرسل نبالًا كأنها الرماح، ثم انتضى السيف ففعل بمشركي مكة الأفاعيل، وكان يدخل وسطهم حتى يقول المسلمون: قد قتل، ثم يطلع قائلًا: أنا الغلام الظفري، حتى قتل منهم سبعة، وذلك عند انكشاف المسلمين وفي اشتداد الهول وزحف الموت، وجعل يقول: الموت أحسن من الفرار، قاتلوا على الاحساب واصنعوا مثل ما أصنع، فكثرت به الجراحات فوقع، ومر به قتادة بن النعمان فقال له: أبا الغيداق، قال قزمان: لبيك، قال: هنيئًا لك الشهادة، فقال قزمان: والله ما قتلت يا أبا عمرو على دين، ما قتلت إلا على الحفاظ- أن تسير قريش فتطأ سعفنا، ثم أخرج سهمًا من كنانته فجعل يتوج أبه نفسه، فلما ابطأ عنه الموت أخذ السيف فانكأ عليه حتى خرج من ظهره فمات، كما ورد في شرح ابن أبي الحديد.

وممن انتحر في أول الاسلام أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي، فقد جاء في أكثر تواريخ الاسلام أنه اشتمل ذات ليلة على خنجر ذي رأسن نصابه في وسطه وكمن في زاوية من زوايا المسجد بالمدينة المنورة، فلم يزل حتى جاء عمر بن الخطاب يوقظ الناس لصلاة الفجر، فلما دنا وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات احداهن تحت السرة وهي التي قتلته.

ثم انحاز أبو لؤلؤة المجوسي إلى المسلمين في المسجد فطعن من يلى عمر بن الخطاب حتى أصاب أحد عشر رجلًا، فطرح عبد الرحمن بن عوف خميصة كانت عليه، فلما حصل فيها انتحر ومات، حسبما ورد في الهلال 1934.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا