الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

الصيدلة.. علم تطور من وكالات “عطارة المسلمين” حتى خدم الإنسانية

الصيدلة

كانت المعرفة في مجال الصيدلة من أقدم العلوم التي تعود إلى الثلث الأول من القرن الثاني عشر، وثمة دور كبير للمسلمين في تطوير هذا العلم، والذي نشأ أول ما نشأ من وكالات العطارين المختلفة، حتى ظهر العلماء في عصور النهضة الإسلامية والتي تزامنت مع انتكاسة أوروبا في العصور الوسطى ، فقاموا بالدراسات والتجارب العلمية، وتوصلوا إلى الاكتشافات الموجودة الآن.

لا توجد مبالغة إن نُسِبَت أعظم الإنجازات في الصيدلة إلى المسلمين، فأساس الدواء كان الكيمياء، وقد تطورت الكيمياء على يد جابر بن حيان والذي له إسهامات كبيرة في هذا المجال، فهو أول من حضّر حامض الكبريتيك، وحامض النيتريك، وكربونات الصودا، وكربونات البوتاسيوم، وماء الذهب.

مخطوطة أوربية من القرن الخامس عشر تصور جابر بن حيان
مخطوطة أوربية من القرن الخامس عشر تصور جابر بن حيان

أصبح للكيماويات التي طورها جابر بن حيان أهمية عظمى في العصور الحديثة، بل تكاد تكون من أسس حضارة القرن التاسع عشر والعشرين في الكيمياء، والصيدلة، والزراعة، والصناعة، ويذكر المؤرخ أبو الوفاء عبدالآخر، أن جابر بن حيان كان أول عالم كيميائي استعمل الموازين الحساسة في التجارب الكيميائية، وقد اخترع طرقاً أفادت الكثيرين في تحضير العقاقير.

غلاف كتاب التصور الأوروبي للرازي
غلاف كتاب التصور الأوروبي للرازي

تطورت الصيدلة مع أبي بكر الرازي، والذي جاء عقب جيل جابر بن حيان، وبرع الرازي في الصيدلة من خلال كتابه “المنصوري”، والتي تُرِجم على يد الإيطالي جيراردو الكريموني، وظل هذا الكتاب يتم تدريسه في أوروبا حتى القرن السادس، مثل كتابه الحاوي والذي كان أحد الكتب التسعة التي تقوم عليها كلية الطب في جامعة باريس.

رسمة لـ بن سينا
رسمة لـ بن سينا

بالرجوع لكتاب المؤرخ أبو الوفاء عن تطور الصيدلة على يد المسلمين، يتكشف إن الأدوية نفسها خضعت لدراسات مستفيضة على أيدي علماء الأمة الإسلامية في عصور النهضة الإسلامية، وكان من أبرز العاملين في هذا الميدان الشهير ابن سينا، ولاقت كتب بن سيناء في الصيدلة تقديراً من القرن الثاني عشر حتى أوائل القرن الثامن عشر

لو أنصف المؤرخون لقالوا “بأن النهضة الحديثة بدأت منذ النهضة الإسلامية واستمرت في تطور متصل بحيث يجب اعتبار النهضة الإسلامية والنهضة الأوربية جزءين متصلين للنهضة الحديثة المستمرة حتى يومنا هذا”.

جورج ألفريد ليون سارتون
جورج ألفريد ليون سارتون

المفارقة في تطور علم الصيدلة على يد بن سينا، أن تجد أكثر من يكرهه مسلمون لأسباب غريبة وواهية، فتجد الكشميري في كتابه فيض الباري يتهمه بالزندقة والكفر، بينما تجد جورج ألفريد ليون سارتون الصيدلي العالمي صاحب كتاب “تاريخ العلم” يذكر بن سينا بقوله ” إن فكر بن سينا يمثل المثل الأعلى للفلسفة في القرون الوسطى”.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا