الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

“شركة الهند الشرقية” حكمت الاقتصاد الدولي 300 سنة وقضى عليها “جلد البقر”

شركة الهند الشرقية

جاء تاريخ شركة الهند الشرقية الإنجليزية مغايراً لكافة الكيانات الاقتصادية من حيث الهدف الربحي، كون أن تلك الشركة كانت بمثابة الشرعية التي منحتها انجلترا لنفسها من أجل احتلال أي دولة، عقب الصدام بين إسبانيا ولندن مما دفع الأخيرة لكسر شوكة الإسبان حين صدر مرسوم 1600 م الذي قضى بتأسيس تلك الشركة.

تأسست شركة الهند الشرقية الإنجليزية، بعد التوسع البريطاني خلال النصف الأخير من القرن الـ 16 عقب معركة الأرمادا بين الإنجليز والإسبان، ورأى تجار لندن ضرورة البحث عن أسواق تجارية جديدة مبنية على حملات الدعاية التي قام بها البرتغاليين في الشرق.

مقر شركة الهند الشرقية الإنجليزية
مقر شركة الهند الشرقية الإنجليزية

كان من حق شركة الهند الشرقية الإنجليزية، احتكار التجارة لمدة 15 سنة في مجال التوابل، وازدهرت الشركة أكثر بعد دخولها في تصنيع الخامات الهندية، مما جعل رجال الأعمال الهنود يتعاونون معها، بعد التودد والتقرب لملوك المغول المسلمين في الهند خاصةً في عهد جلال الدين.

الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته الهند جعل عيون شعبها تغض الطرف على عمليات قيام الشركة بشراء الأراضي الهندية وبناء حصون عسكرية، عقب وقوع الثورة الصناعة الحديثة في أوروبا، ونجاح الشركة في الحصول على الضرائب من السفن التي تمر عبر البحر برعاية أسطول انجلترا.

رسمة لسفن الشركة الهندية الشرقية
رسمة لسفن الشركة الهندية الشرقية

خلال قرنين ونصف لم يظهر على الشركة الهندية الشرقية الإنجليزية أي ملمح لتأسيس قوة عسكرية رغم امتلاكها لأسطول موازيٍ لسفن القوات البريطانية، وكان بناء الحصون بالنسبة للشركة أمراً طبيعياً نظراً لضخامة استثماراتها ونجاحهم في إقناع الهنديين على أن تلك المباني مجرد كيانات اقتصادية.

مع بداية العام 1850 م تعرضت الهند لأزمة اقتصادية شديدة بسبب سياسة الاحتكار التي اتسمت بها الشركة، وبالتالي كان الهندوس والمسلمين فريسة للفقر فلجأوا للعمل عند الشركة وسرعان ما انضموا إلى قواتها العسكرية التي مهدت لسقوط الهند تحت حكم “الراج البريطاني”.

الموت أو السجن كان مصير أي هندي لا يشارك في حرب انجلترا وملوك المغول في الهند، ورغم تأجيج الصراعات الداخلية بين المسلمين والهندوس، لكن لم يأمن أي واحدٍ منهم على نفسه في فترة الحرب، حتى سقطت الهند نهائياً في الاحتلال البريطاني سنة 1858 م.

قبل أن ينتهي الربع الأول من القرن التاسع عشر كانت شركة الهند الشرقية هي السيدة الفعلي للإمبراطورية البريطانية، حيث تمتد عبر الهند المترامية الأطراف حتى الولايات التي لم تكن تحت السيطرة المباشرة للشركة والتي اعترفت بتفوق السيادة البريطانية.

رسمة لـ ثورة السيبوي
رسمة لـ ثورة السيبوي

بعد مسيرة دامت 300 عام من السيطرة الاقتصادية والعسكرية، جاء سقوط الشركة الهندية الشرقية الإنجليزية مباغتاً ولسببٍ طريف ربما كان الداعي له هو خطأ بسيط وقعت فيه هذه الشركة أدى إلى اندلاع ثورة عارمة في الهند عُرِفت باسم ثورة السيبوي.

اندلعت أعمال مظاهرات السيبوي داخل ثكنات العساكر الهنود سنة 1857 م في منطقة ميروت الهندية، وسرعات ما تحولت إلى ثورة مسلحة استهدفت الجيش البريطاني نفسه وكشفت تعامل الاحتلال مع الهنود، الأمر الذي دفع لندن إلى حل الشركة واستلام حكم الهند منها.

كان السبب في ثورة السيبوي التي قضت على الشركة، هو قرار عسكري بإلزام الجنود الهنود استخدام أسنانهم لقطع دهن الخنزير والبقر لتشحيهم أسلحتهم، مما أثار ثائرة المسلمين نظراً لأن حكم أكل الخنزير حرام، والأمر نفسه شعر به الهندوس كون أن البقر بالنسبة لهم مقدس.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا