الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

عصام عبد الله .. فارس متمرد على القوانين

عصام

فى عام 1988 اطلق الصحفيان ( عبد الله كمال ) و(ابراهيم عيسى ) كتابهما المشترك ( الاغنيه البديله ) والذى كان تجميعه لحوارت صحفيه قاما بها مع رموز الحركه الفنيه الجديده فى ثمانينات القرن الماضى كرصد مهم لتلك الفتره التى شهدت ميلاد اغنيه جديده مغايره لما كان سائد والى حطمت الشكل الكلاسيكى التقليدى للغناء . من ضمن رواد تلك الحركه الفنيه الجديده والذى خصص له فصل للحديث عن التطور الذى قام به فى مجال الاغنيه  الشاعر / عصام عبد الله اولى المحاولات لتوثيق تجربته الفريده جدا .

 

يعتبر عصام عبد الله اهم من كتب الاغنيه فى مصر وان كان هناك ثوره فنيه حدثت  فى اواخر السبعينات كسرت جمود الاغنيه الكلاسيكيه وطورتها فيعتبر عصام أحد روادها الاصليين وأحد من حمل على كتفه  اعباء تلك الموجه الجديده التى كسرت جمود الحاله الشعريه الغنائيه التى كانت تدور فى فلك واحد وانجز لنا اغنيه مغايره تماما بقوالب شعريه جديده وطريقه سرد مدهشه بها خليط متنوع مابين انسانى واجتماعى و فانتازى ساخر ,والبس الاغنيه حله جديده تماما وقام بعمل دمج بين الفصحى والعاميه بالاضافه الى تفرده فى كتابه الاغنيه بكافه اللهجات سواء البدويه او الفلاحى او الصعيديه .وعلى الرغم من ذلك كان عصام هو اشهر من كتب الاعلانات فى مصر بل من الجائز ان نقول ان الاغنيه المصريه  خسرت كثيرا بأتجاهه مرغما نحو سوق الاعلانات لرفضه الاخضاع لشروط السوق الغنائى الذى تغيرت مفاهيمه للنقيض بعد الانقلاب الموسيقى الذى حدث فى نهايه الثمانينات وظهور ماعرف وقتها بالاغنيه الشبابيه .

 

تجربته السينمائية

بدايه عصام فى السينما كانت  بالاشتراك فى كتابه اغنيات الفيلم المثير للجدل ( انياب 1981 ) وهو اول افلام الراحل  ( محمد شبل ) وقام ببطولته ( على الحجار ومنى جبر واحمد عدويه ) بالاضافه الى كتابه اغنيه فيلم ( 4-2-4) الكوره مدوره .

وساهم عصام مع السيناريست (ماهر عواد) فى انجاز اول افلام شريف عرفه ( الاقزام قادمون 1987) الذى قام قام ببطولته ( يحيى الفخرانى وليلى علوى ) وكتب اغانى واعلانات الفيلم وتشارك مع ( ماهر عواد ) فى كتابه حوار فيلم شريف عرفه الثانى ( الدرجه الثالثه 1988  ) من بطوله ( احمد زكى وسعاد حسنى ) وكتب اغنيات اول افلام المخرج سعيد حامد ( الحب فى الثلاجه 1993 ) بطوله ( يحيى الفخرانى وعبله كامل ) والتى غناها احد اهم اصدقاء عصام عبد اله   الراحل/ كامل الشريف

 

تجربته مع الفرق الغنائية

كان احد اهم انجازات تلك الموجه الفنيه الجديده التى حدثت اواخر السبعينات هو ظهور الفرق الموسيقيه الغنائيه والتى ساهم عصام عبد الله فيها بشكل كبير فكتب لفرقه المصريين ( عرفتينى وافيفا الهوى وادينى عقلك ) وكتب للفور ام ( فرجت وعايزين نعيش ) و(يابوليس) لفرقه الجيتس ( ماتفوتش بلادنا ) لفرقه يحيى غنام  لكن اهم تجاربه مع الفرق الغنائيه كانت مع فرقه ( طيبه ) وكان شريكا اصليا فى تلك التجربه المختلفه عن السائد وقتها مع اصحابها ( مودى وحسين الامام ) فصنع لهم اغنيات عظيمه جدا ومبهره على المستوى الشعرى مثل ( ودعى المكان ) والتى كانت صوره سينمائيه على هيئه اغنيه وايضا الاغنيه اللغز ( المجهول ) بالاضافه الى اغنيات كثيره منها ( وماله  وازاى الصحه وشئ جديد والدنيا صغيره ولغيرك قلبى مايخلص) .

 

تجربته مع المطربين

 

علي الحجار

تجربه عصام عبد الله مع على الحجار كانت تجربه ثريه جدا ومتنوعه ومن الجائز جدا اعتبارها انجح تجارب عصام على الاطلاق مع المطربين خصوصا البدايه العبقريه جدا فى اغنيه  ( الوان الناس )  التى قدمها الراحل صلاح جاهين فى تسجيل صوتى افرج عنه مؤخرا الملحن ( محمد الشيخ ) و اعلن فيها ميلاد شاعر جديد مختلف يمتلك جراء غير عاديه فى استخدام المعانى والمفردات  وللاسف لم تظهر تلك الاغنيه الى النور فى اى البوم ولكن البدايه الفعليه كانت فى احد اشد البومات على الحجار خصوصيه وهو البوم ( ولد وبنت ) فى العام 1979 والذى حوى كل التجارب الفنيه الجديده وقتها وكانت اغنيه ( لحظه ممكنه ) والتى لحنها ووزعها ( عزت ابو عوف ) هى باكوره اعماله لعلى الحجار بعدها انطلق عصام عبد الله مع على الحجار فصنع له اغنيه شديده التميز والخصوصيه جدا ( كان احساسى صحيح ) فى البومه ( اعذرينى 1981 ) والتى كانت شكل جديد فى فن كتابه الاغنيه الدراميه على الرغم من موضوعها المستهلك جدا الا انه بدأ الاغنيه من حيث انتهت القصه فى سرد بديع مدهش حافظ فيه على نسق الاغنيه وحرر الاغنيه من قوالبها المستهلكه الباليه  . ثم التجربه الاعظم فى حياه على الحجار فى البوم ( فى قلب الليل 1985) وهى الاغنيه التى ظلت حبيسه الالبوم حتى افرج عنها المخرج طارق الكاشف واخرجها بطريقه الفيديو كليب بعد عشر سنوات من انتاجها فحصدت جمهورا جديدا اعتقد انها حديثه الاصدار  وتعتبر فى قلب الليل هى دره اشعار عصام عبد الله وصل بها الى  اقصى تطور لكتابه الاغنيه بشكل لم يعتاد عليه الجمهور من ناحيه السرد او الالفاظ المستخدمه والصور الرمزيه التى استخدمها بطول الاغنيه فتجد نفسك امام اغنيه بها توحد للزمان والمكان وربط الصوره بالحدث  كانت تلك الاغنيه بمثابه اعلان مولد لغه شعريه جديده لم يعتاد عليها الجمهور وشكلت مايشبه المفاجأه مثلها مثل رفيقتها فى الالبوم ( روحى فيكى تروح ) والتى اتسمت بلهجه شعريه بيضاء فيها مزيج من عده لهجات والتى كانت درسا مجانيا فى كيفيه كتابه اغنيه بلهجه بيضاء ثم كان اللقاء الاخير فى البوم ( م الاخر) بأغنيه ( حسيت من سنه )

 

محمد منير

تتشابه تجربه منير وعصام عبد الله فى التمرد على السائد والخروج عن المألوف فكان لزاما ان يكون اللقاء بينهما حتميا وحدث ذلك فى البوم منير السادس ( وسط الدايره ) والذى حوى اشكال موسيقيه مختلفه عن بعضها فى مزيج ساحر ودسم ودشن عصام اولى اغنياته مع منير ( ووه بابا ) و( حتى .. حتى ) ثم تكررت التجربه مره اخرى فى البوم منير الذى اثار الجدل لعنوانه الغريب ( الطول واللون والحريه ) والتى كتبها عصام فى وقت كانت الاغنيه تعانى من تسطيح فج واستهلاكيه مفرطه جائت تلك الاغنيه بمثابه الصدمه لجمهور منير الذى توقف عند اسمها كثيرا وعن علاقه الطول باللون بالحريه مزج فيها عصام الجانب النفسى بالحسى , استمرت التجربه مع منير وصنع لمنير فى نفس الالبوم اغنيه بديعه جدا تحدثت عن الغناء من منظور مختلف وهى ( سحر المغنى ) والتى اشترك فيها بالغناء المطربه ( اميره ) والتى صنع فيها بهجه فى حوار ممتع ( لما نغنى سوا بنحنى … حلم مداه مفتوح )  ثم جاء اللقاء الاشهر والذى صار بمثابه شعار انسانى بديع بأغنيه ( لو بطلنا نحلم نموت ) فى قالب من موسيقى الجاز والتى عبرت عن ثوريه عصام عبد الله وتحريضه الدائم على الحلم ( لو بطلنا نحلم نموت .. لو عاندنا نقدر نفوت )

 

 عمرو دياب

كان عصام عبد الله من الاوائل الذين تعاملوا مع عمرو دياب فى بدايته الفنيه  فكتب له خمس اغنيات  فى اول البومين لعمرو ساهمت فى حدوث انتشار جماهيرى جيد لعمرو دياب وصنعت له شكل فنى صمد امام مشاريع فنيه عملاقه وقتها على الرغم من تفضيل عمرو الاتجاه الى الانتشار التجارى والانصراف عن الاهتمام بجوده الكلمه لحساب الشكل الموسيقى ودخول مشروعه الفنى فى اجواء الاغنيه الشبابيه الا ان اغنيات عصام عبد الله تعتبر الان من كلاسيكيات عمرو دياب والتى يفتش عنها دائما جمهور عمرو والتى اضفت بعض العمق على تجربته فى المجمل  .

 

محمد فؤاد

تعتبر تجربه عصام عبد الله مع محمد فؤاد تجربه مختلفه بعض الشئ مارس عصام فيها تفرده فى الكتابه بلهجات مختلفه تنوعت بين الصعيدى والفلاحى والبدوى وشكلت اغنيات ( عاش الطب / غرقان لشوشتى / هنحب بجد / بعت الصبح مرسال / صابر / طرزان ) ملامح تجربه فؤاد وصبغتها بلون شعبى محبب الى الاذن المصريه بل وصدرت الى المشهد الغنائى مطربا يغنى لونا جديدا على الساحه الفنيه واهم مامميز التجربه مع فؤاد ان عصام لم يقتات على الفاظ واشكال ونمط الحياه الخاص بتلك البيئات فلم نجده متلبسا بحشر البيئه فى الاغانى او بناء اغنيه بالكامل تتحدث عن الطين والشجر والساقيه والترعه وتلك الاشياء الرمزيه التى اقتات عليها شعراء عده بل كانت الاعتماد الكلى على اللهجه التى بمجرد الاستماع اليها سوف تجد نفسك فى اجواء تلك البيئه .

 

أنغام

بعد رحيل عصام عبد الله بعام اهدته انغام البومها ( بتحب مين 1997) والذى شهد اولى اغنياته مع انغام بقصيده باللغه الفصحى  ( من بعيد ) والتى كانت اخر تعاون بينها وبين والدها الموسيقار محمد على سليمان .

لم تثر اغنيه جدلا واسعا حولها مثلما اثارت اغنيته ( وحدانيه 1999) الجدل وهى الاغنيه التى احتفظت بها انغام فتره طويله حتى قررت الاستعانه بها فى البوم كانت هى عنوانه واتت فى فتره كانت الاغنيه فى حاله تدنى شديد فى مستوى الكلمه وجائت تلك الاغنيه كحجر يحرك المياه الراكده فى نهر الموسيقى من حيث غرابه الالفاظ وابتعادها عن النمطيه فى التناول  وترك المستمع حائرا يفكك كلمات تلك الاغنيه المدهشه جدا ويبحث عن مصدر تلك اللهجه التى جائت خليط من عده لهجات  . تأثير اغنيه وحدانيه امتد حتى الان وهذا يفسر انبهار الجمهور بأخر اغنياته مع انغام ( بقيت وحدك ) والتى كان واضحا جدا بصمه عصام فيها والتى افرجت عنها انغام فى اخر البوماتها ( احلام بريئه )

                                             

 

خلفيه عصام البدويه بالاضافه الى ترحاله المتعدد كان عاملا مساعدا فى تنوع مصادر كتاباته فنالت الاغنيه البدويه حظها على يده  فأصدر عده اغنيات باللهجه البدويه منها على سبيل المثال ( يا حولى ) والتى غنتها المطربه المغربيه ( زينب ) كما صنع اغنيه لطيفه جدا ايضا بعنوان (الخ ..الخ ) للمطرب عادل شريف الذى عرفته مصادفه فى رحله البحث عن عصام  .

كانت لاغانى الاطفال نصيبا جيدا من كتابات عصام عبد الله فصنع ثلاث اغنيات (البطه / دا دا / هيجننونى )للفنان عبد المنعم مدبولى فى البومه (توت توت) بالاضافه ال الاغنيه الاشهر للاطفال فى الثمانينات ( جدو على ) والتى غناها المطرب محمد ثروت  بالاضافه الى البوم ( ماكا ماكا ) والتى غنته الطفله مها

كتب عصام لعده ممثلين جربوا حظهم فى الغناء فكتب ثلاث اغنيات للممثله لبلبه ( جدا جدا / انا قلبى حر نار / انت وانا ) فى البوم لبلبه الوحيد ( بتاع القزقزه ) ثم تجربه النجم الكوميدى الكبير ( سمير غانم ) فى البومه مانا مانا والتى غلفها ببعض السخريه والفانتازيا تليق بحضور الكوميديان سمير غانم وغلفها بكلمات غير مألوفه تماما فى اغنيات  ( الكوره مدوره و انا مبسوط ) ثم الاغنيه الاشهر فى الالبوم فى رثاء الضيف احمد فى تجربه جديده فى فن كتابه الاغنيه .

 

عصام صاحب تجربه شعريه جديده تماما وغير مسبوقه لم يسبقه احد من الشعراء فى تكنيك الكتابه وتطوير طريقه السرد وللاسف لايوجد حصرمعلوماتى كامل عن ماانجزه عصام ولازلنا حتى الان نفتش فى شرائط كاسيت مخزنه عن اى اغنيه تحمل اسم عصام عبد الله.

تجربه عصام فى المجمل تشبهه تماما وعبر فى اوقات كثيره عن مواقف شخصيه له ولم يستهلك موهبته الفذه جدا فى اغنيه مستهلكه تلفظ انفاسها سريعها وظلت كلماته المتمرده جدا وهو الفارس الذى تمرد على قوانين الغناء  وهو الذى ارتحل بعيدا وحيدا دون ضمانات ان ينصفه الفن ويعطيه قدر مااعطاه وهو الذى رثى الضيف احمد فى اغنيه اعتبرناها نحن رثاء لنفسه كلما تذكرناها تطل منها صورته هو لا صوره الضيف احمد .رحل عصام وهو يعزف لحنا لم ينتهى بعد فى انتظار اللحظه الممكنه .




 تعليقاتكم

  1. حلو اوي يا محمد ربنا يسعدك زي ما بتسعدني كده. بس على فكرة مها ما كانتش طفلة وقت شريط ماكان ماما 🙂 بل شابة

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا