الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

كيف يجدد السلفيون الخطاب الديني بعد استغنائهم عن عقولهم للأبد ؟

الخطاب الديني

هم وحدهم يدخلون الجنة، هم الفرقة الناجية التي حصلت على توكيل الرب حصرياً، يحرمون ما يكرهون، ويكرهون ما يحبه غيرهم. ذلك هو التعريف الأكثر اختصاراً لخوارج هذا العصر، أصحاب المذهب الوهابي السلفي.

قال فيهم شيخهم “بن باز”: بعض تصرفاتهم قلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي ، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا في ما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة”.

ومقالنا اليوم يعود إلى أزمة الوهابيين الحقيقية،:الهوس الجنسي. ففي قرن مضى نجح عالم سلفي – وهابي في الأغلب – في اكتشاف أن ما بين فخذي المرأة هو السبب الوحيد لكل مشكلات العالم. وبناء على هذا شحذ من تبعوه من العلماء – عفواً على استخدام الكلمة – عقولهم للقضاء على مصدر الشرور في العصر الحديث.

هم يرون أن الإسلام كرم المرأة فحولها إلى قطعة حلوى ملفوفة في ورق ليحميها من الذباب: الرجال

خرجوا علينا بحديث عن الحجاب بين الرسول (صلعم) وأسماء بنت أبي بكر، ثم جاء من تلاهم ليثبت أنه حديث ضعيف يسمح للمرأة بكشف وجهها، وساق الأدلة على وجوب تغطية الوجه وترك العينين، ثم جاء بعده الأكثر علماً الذي أباح ظهور عين واحدة.

تركوا الفساد جانباً وانشغلوا بالنكاح الشرعي الذي تستجيب فيه المرأة للرجل، لكن حرام عليها أن تطلبه. رأوا الفقر آية بسبب اختلاط الجنسين في المدارس والجامعات والعمل، أنكروا عمل المرأة على الرغم من أنها كانت تحارب وتدافع عن الرسول في غزوة أحد.

لكن رسولهم محمد بن عبدالوهاب علمهم أن المرأة خلقت لإمتاع الرجل وحسب، ليست مخلوقاً له حقوق، بل لقد حصلت على المساواة مع الكلب الأسود والحمار في أحد أحاديثهم العجائبية  “يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود”. وعلى الرغم من وضاعة مكانة المرأة في شرعهم إلا أنهم لا يشغلهم سواها، يبيحون للخاطب أن ينظر إلى من يود خطبتها كما قال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم. يبلغ هوسهم الجنسي غايته في تحريم وجود المرأة والرجل سويا في خلوة، لأن الشيطان ثالثهما، وكأنه ما اجتمع رجل وامرأة إلا وضاجعا بعضهما، لأنهما لا يرونها إلا أداة للمتعة والجماع. يريدون تغطيتها لأنهم لا يملكون السيطرة على شهواتهم المفرطة، يريدون أن تظل حبيسة المنزل، حتى لا تثير غرائزهم المشبوبة، دون أن يعقل أحدهم يوماً أن المرأة قد كرمها الإسلام وكانت الطبيبة والشاعرة والعالمة والمقاتلة.

هم يرون أن الإسلام كرم المرأة فحولها إلى قطعة حلوى ملفوفة في ورق ليحميها من الذباب: الرجال. اختصر السلفيون نصف الخلق في قطعة حلوى لإمتاعهم. مذهب بأكمله لجأ علماؤه بجانب الزي والذقن – المظهر عموما – إلى قضية المرأة، أٌس الفساد في الأرض، ليحلوا كل أزماتنا كمسلمين، وليختفي الجهل والفقر والفساد والمرض؛ وهي للأسف كلها مشاكل عجزت حتى اللغة عن تأنيثها وظلت مذكرة.

مذهب بأكمله انشغل أصحابه بالآخر، تحديداً نصفه السفلي، وأفرغ فيه كل مشاكل المجتمع، أو كما قالوا: ينتهي الغلاء إذا تحجبت النساء، مذهب يرى حجاب المرأة أهم من الوقوف أمام حاكم ظالم، بل ويكفر من يخرج على هذا الحاكم. مذهب توقف به الزمن في ركن مظلم في زمن مضى منذ ما يزيد عن خمسمائة عام .

وفي ظل المطالبة بتجديد الخطاب الديني في مصر، كان مضحكاً للغاية أن أول من تصدى له هم أتباع المذهب السلفي، من لم يتجدد خطابهم منذ قرون قرروا لأول مرة تحقيق حلم تجديد الخطاب الديني بتغيير ورقة الحلوى التي تلف المرأة المحجبة إلى قطعة من السوليفان.

أو كما قيل لهم يوماً، تعبدون ما أملاه سلفكم الميتون، بينما نعبد الحي الذي لا يموت

وسلم لي على تجديد الخطاب.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا