الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

من علمني حرفًا.. عن مدرسين وحكايات لا ننساها أبدًا!

من علمني حرفًا.. مدرسين لن ننساهم أبدًا!

“please the full mark” جملة لا تمر مرور الكرام أمامنا سنعود لقصتها لاحقاً، أنا من المتابعين بشغف لـ  “tedtalks”، ومن حسن حظي أني شاهدت فيديو لسيدة تدعى  “rita pierson” تعمل مدرسة منذ أربعين عاماً طرحت في حديثها الإنساني الجذاب جملة مؤثرة جدًا تتعلق بالأطفال والدراسة:

“كيف أرفع احترام الطفل لذاته مع تحصيله الدراسي؟”، هذه الجملة جعلتني أتذكر موقفين؛ الأول عندما كنت أعاني التفرقة العنصرية أيام المدرسة بسبب كوني فتاة سمراء بشعر” بلحات” كانت أمي تسمى تلك الخصل الملفوفة “بلحات” هذا الشكل كان يثير دهشة الأطفال الذين لم تعلمهم أمهاتهم أن البشر ألوان، فاعتادوا رؤية اللون الأبيض فقط وماهو ليس أبيض يكون مادة للسخرية.

الغريب أنني لم أعاني العنصرية من زملائي فقط، بل من بعض معلمينا أيضًا، تذكرت تلك المعلمة التي كانت تشبه مديرات المنزل في الأفلام الأجنبية؛ حادة الطباع بجسم ممشوق ويغلب على حديثها الإنجليزية، كانت تعاملني بعنصرية شديدة حتى جاء عيد الأم واشترت لي أمي وردة؛ كي أهديها لتلك المُعلمة، وحدث وكان رد فعلها؛ قول كلمة شكراً بطريقة “باردة”، بمنتهى الهدوء خرجت المشاعر وكأنها عازمة لاتخاذ قرارٍ ما ووضعت وردتي في صندوق القمامة، أتذكر دائماً تلك المشاهد بتصوير بطئ ممل يثير غضبي.

 على الجانب الآخر، تذكرت معلمتى في  المرحلة الإعدادية عندما كنت خائفة من الامتحان، وهي تعلم جيداً أنني متفوقة في هذه المادة ، فقررت أن تطلق مسابقة بيننا، من يجيب على هذا السؤال ستعطي له هدية! وبالفعل طرحت سؤالًا صعبًا للغاية وأنا من أجبته؛ لا أتذكر السؤال تحديدًا، لكني أتذكر الإجابة جيداً كانت الإجابة “resistance”، ابتسمت معلمتي الجميلة، وهرولت للداخل وكأنها تبحث عن شئ، تأخرت قليلاً وأتت ” بجنيه ورق” كتبت عليه please the full mark” ، لم أحصل على الدرجة النهائية في تلك المادة مطلقًا، كانت أفضل مرة أن أقل درجتين عن الدرجة النهائية، لكني حصلت على معنى أهم  وأكبر؛ أتذكره  في كل مرة أفتح  علبة ساعاتي لأجد في داخلها جنيهًا “متقطع” أرى فيه وجه معلمتي تبتسم.

الأطفال يورثون كل شيء حتى الحب

“بصي كان في ميس بتديني و انا في كي چي اسمها ميس شيرين كانت بتديني انجلش و هي اللي حببتني فيه اصلا بكل حاجة كانت بتعملها و الهدايا اللي كانت بتوزعها علي الفصل كله علشان تحببنا فيه و حتي دلوقتي و أنا بشرح للأطفال بعمل نفس اللي هي كانت بتعمله معايا و من أسبوعين كده لقيتها علي الفيس وفرحت جداً و كلمتها و كانت فكراني”.. هكذا قالت جهاد سليمان مدرسة في إحدى المدارس.

“كيرلس داوود” حدثنا عن أستاذ “محمد جلال”  في مدرسة مصر الجديدة، فحينما كانوا طلبة في سن المراهقة، كانت  المدرسة بها طلبة أغنياء وأخرى فقيرة ، فكان دائماً يقول للطلبة ممن ينتمون إلى الطبقة البسيطة حينما يقصروا في المدرسة ” الأغنياء فلوسهم هتخدمهم إنتوا مين هيخدمكوا، أنتوا ملكوش غير الدرس والحصة” قال كيرلس إنه يتذكر هذه الجملة حتى الآن،  “لن يخدمني سوى العلم والعمل”.

أروى فريد  البالغة من العمر 22 عاماً، تقول “أنا فاكرة أن الأستاذ أعرب جملة غلط وأنا روحتله بعد الحصة لأنى مكنتش فاهمة، فاتناقشنا وهو أصر إنه صح، فتاني يوم جه فى الفصل وقال لي إنى كنت صح وإنه راجع ده واكتشف إنه غلط وقالنا وقتها إننا كلنا بنتعلم وأنا وقت ما تحس إنك كبرت على العلم أعرف أنك مش هتنفع تاني”.

 “كان في مدرس اسمه محمد عبد الله الراجل ده كان بيحبي قوي من غير ما أتعامل معاه وكان كل ما يشوفنى يقولى تعالى نروح نصلي وأنا كنت بتكسف منه علشان أنا مبصليش قعدت كتيرأخلع منه لحد لما  رجلي اتكسرت وبعدين بقيت أنزل أصلي مع أن الموضوع كان “صعب”؛ لأن الجبس كان تقيل وكنت بقابله فى الجامع لحد لما بقى مدرس عندنا في الفصل وبقى صاحبي وأنا لحد دلوقتي أتمنى إنب أشوفه تاني”..  حمدي علي مدير بشركة عقارات.

“أستاذ الفلسفة في ثانوي كان كفيف وبيحبني جدًا، أنا كنت زيي زي أي طالب، لكن هو لاحظ إني بتفاعل معاه وعارف أسماء فلاسفة وأدباء طبعاً كل ده بشكل سطحي بس هو انبهر إني أعرف حتى أسماء الأدباء والمفكرين دول فطلب أقعد معاه، واتفقنا إني أقرأ كتاب كل أسبوع وأقدمله الملخص بتاعه.. كان مفهمني إن دي مساعدة ليه.. كنت كل أسبوع يديني كتاب معين وأعمله التلخيص بتاعه على الكمبيوتر..كنت على الحال ده لمدة سنة”.

-اكتشفت فيما بعد إنه فتحلي أبواب كتير وعالم تاني للقراية في مجالات كتير في الأدب والفلسفة والتاريخ، وقاللي إنه هو مكنش عاوز تلاخيص ولا حاجة.. وإنه اكتشف فيا بذرة شخص نجيب، وقاللي كنت لازم أخليك تقرأ وتستفاد لأني اكتفيت بالنصيحة مكنتش هتقرا ولا  ومن ساعتها جاب رجلي وحبيت القراية جداً وكمان كان ليها أثر على تفتيح ذهني شوية وإني أذاكر في الثانوية واجيب مجموع كبير” محمد ثابت 22 عام.

“أكتر مدرسة اثرت فيا هى مدرسة الإنجليزي في ابتدائي اسمها أمانى، ما كنتش شاطر خالص بإجماع كل المدرسين و كانوا كلهم شايفين إنى “hopeless case” إلا هى الوحيدة اللي أمنت بيا وقالتلى إنى شاطر ومن أذكى الطلاب الشاطرين وكانت بتخلينى أروحلها البيت هشان تذاكر لي وتشرحلي -من غير ما تاخد مني مليم- لحد ما قفلت الانجليزي، والترم التاني ثقتي في نفسي زادت جداً وعملت معجزة و طلعت الأول عالفصل، من ساعتها وأنا ما بسمعش أى حد يقول عليا فاشل وثقتي زادت و تأثيرها عليا موجود لحد دلوقتي”..  عمر فضل مدرس بإحدى المدارس الدولية.

كل منا لديه قصة مؤثرة مع معلمه الذي لم يكن معلم فقط، بل كان أب وأخ وصديق، ليس مجرد وسيلة لتلقين درسٍ ما، أو شخص يتقاضي أجرًا بوقت مرهوناً بجرس المدرسة، بل إنها تلك الذكرى الجميلة والسيئة التي حُفرت بداخلنا حتى الآن.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا