الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

من فتح كوبري عباس على الطلبة في المظاهرات؟ الحادثة غير حقيقية

كوبري عباس

ـ مين فتح كوبري عباس على الطلبة في المظاهرات؟
ـ عمر الحريري
ـ يا آخي مش الفيلم .. في الحقيقة
ـ فريد شوقي
ـ الله يخرب بيتك .. إنت عايز تسقطني يا منعم؟!
ـ هو أنا عارف حاجة .. سيبني .. سيبني”

بهذا المشهد الذي جسده محمد فؤاد ومحمد هنيدي في فيلم إسماعيلية رايح جاي، جاءت سيرة حادثة كوبري عباس، وفي الواقع لم يكن فاتح الكوبري فريد شوقي ولا عمر الحريري، بل أيضاً لم يكن عباس رحمي الذي جسد شخصية النقراشي بفيلم “في بيتنا رجل”، ولم يكن الدباغ الذي جسده توفيق الدقن بنفس الفيلم، بل في الحقيقة لم تقع حادثة كوبري عباس بالشكل المتعارف عليه.

على كوبري عباس وقعت مظاهرتان للطلبة، كانت الأولى في 13 نوفمبر سنة 1935 م، اعتراضاً على تصريح الخارجية البريطانية التي رأت تعطيل دستور 23 وعدم العمل بدستور 30 ورغبتها في استمرار الأحكام العرفية.

نظم طلاب الجامعات مظاهرة كبيرة قابلها البوليس بإطلاق الرصاص فكان أول الشهداء هو العامل إسماعيل محمد الخالع، عامل سرادق الاحتفال بعيد الجهاد، وقمع البوليس والإنجليز تلك التظاهرات والتي لم تسفر على تلبية مطالب المتظاهرين.

أما المظاهرة الثانية والمشهورة فكانت في 9 فبراير سنة 1946 م، وذلك اعتراضاً على قرار الإنجليز الذي ينص على استمرار معاهدة 36، والتي بالنسبة لجموع الشعب المصري تعطي مصر استقلالاً منقوصاً، وقمعت الشرطة المظاهرة حتى أقال الملك فاروق حكومة النقراشي وتعطلت مفاوضات الجلاء.

يفجر المؤرخ عبدالرحمن الرافعي مفاجأة صادمة عند تأريخه لهذه الواقعة، حيث وصل الرافعي بالحصر طبقاً لسجلات المستشفيات، أن عدد الجرحى 84 دون شهداء، الأمر نفسه أكدته جريدة الأهرام من حيث عدم وجود شهداء، أما المصابون فـ 170 منهم 65 طالباً.

عبدالرحمن الرافعي - محمد حسين هيكل
عبدالرحمن الرافعي – محمد حسين هيكل

أما محمد حسين هيكل فيعلل وجود الأسطورة في حادث كوبري عباس، أن القوى المعارضة لحكومة محمود فهمي النقراشي، هي التي استغلت الحدث فنسبت إليه ما ليس فيه، ويؤكد محمد حسين هيكل أن الحادث شهد قمعاً لكن هناك أكاذيب متعددة فيه.

حالة الوفاة الوحيدة التي حدثت في مظاهرات كوبري عباس، هي وفاة الطالب السوداني محمد علي محمد والذي قِتِل في حادث دهس من سيارة مدني صاحبها شفيق حسب الله وتحمل أرقام 26572 وقامت بدهس الطالب دون قصد نتيجةً لذعر السائق من اشتباه الطلبة فيه وظنهم أنها سيارة تتبع البوليس السياسي، ويؤكد محمد حسين هيكل أن القيادي الشيوعي عبدالمنعم الغزالي استغل حادث مقتل الطالب السوداني لتصوير مدى عمق العلاقات بين مصر والسودان في مفاوضات الجلاء.

 مظاهرات مصرية في ذكرى حادثة كوبري عباس
مظاهرات مصرية في ذكرى حادثة كوبري عباس
مظاهرات مصرية في ذكرى حادثة كوبري عباس
مظاهرات مصرية في ذكرى حادثة كوبري عباس

المفاجأة الأخرى كما يوضحها عبدالرحمن الرافعي، أن كوبري عباس كان قبل المظاهرة مفتوحاً أصلاً لمرور المراكب الشراعية ومنع الطلاب من عبوره إلى الجيزة، لكن الطلبة نزلوا للمراكب الشراعية وأغلقوه عنوةً.

الأمر نفسه يؤكده القيادي الإخواني أحمد عادل كمال في كتابه “النقط فوق الحروف .. الإخوان المسلمون والنظام الخاص”، حيث قال “لم يُقْتَل أحد في هذه المظاهرة، والطلبة هم من ألقوا بأنفسهم من فوق الكوبري للضفة الطينية من جهة الجيزة”.

غلاف كتاب النقط فوق الحروف - مصطفى محمود
غلاف كتاب النقط فوق الحروف – مصطفى محمود

أدت حادثة كوبري عباس إلى سحب اللورد كيلرن من مصر وتعيين اللورد رونالد كاميل بدلاً منه، وتم تعيين إسماعيل صدقي رئيساً للوزراء خلفاً للنقراشي، ورغم القسوة اللي عُرِف بها إسماعيل صدقي، لكن كان الإخوان أول من ساهموا في إقناع الجماهير به لدرجة جعلت مصطفى مؤمن زعيم الإخوان داخل الجامعة يدعو الطلبة لإعطاء صدقي فرصة جديدة وشبهه بالنبي إسماعيل حيث قال “واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صديقاً نبياً”.

ارتاح الغالبية لموقف انجلترا بسحب كيلرن من مصر، لكن كانت حقيقة قرار بريطانيا العظمى هو السير بمبدأ التسكين للجرح لا العلاج، حيث لم تحصل مصر على استقلالها التام إلا سنة 1954 م.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا