الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

الاصطفاف الوطنى

تُرى هل نصل أهدافنا ونرأب الصدع إن التزم جميعنا بالاصطفاف الوطنى؟ فى رأيى لا، بل أعتقد أن الاصطفاف سيقضى على بقيتنا. القصة الأخيرة بدأت بـ«تحيا مصر»، ثم نحن فى معركة وجود، ثم لا بديل عن الاصطفاف الوطنى الواجب على كل المصريين. يذكّرنى ذلك برجل اعتاد أن يتخذ قرارات لا توافق صالح أسرته وكلما عاتبته زوجته أجابها «خلى ليلتك تعدى»، وليلة بعد ليلة تقع الكارثة ونكتشف أن لا شىء «عدى»، إنما كانت تؤجل الإخفاقات لتحقق سقوط كبير. يُسقطنا الاصطفاف الوطنى لأنه يجعل كل الموافقين مصطفين وكل المعارضين غير ذلك، بصرف النظر عن صحة المواقف وصلاحها، كما يقضى على قيمتَى المنافسة والإنتاج معاً، لذا يمكنك أن تهتف «تحيا مصر» وتبارك ولن يقترب منك أحد، أصبحت بأمان وإن أخفقت. الدولة المصطفة وكفى. – حين وقع حادث كرم القواديس اصطفت الدولة ضد الإرهاب وضد أهل سيناء، ثم عاد الرئيس وأكد أنهم قلب مصر النابض. – حين وقع حادث أوتوبيس البحيرة اصطفت الدولة ضد السائق «المسطول» مطلقة حملاتها لكشف المتعاطين من سائقى النقل والسرفيس، بينما لم تفعل ذلك مع سائقى الملاكى على سبيل المثال، ولم نسمع حملات تفتيش على الصيدليات المخالفة مثلاً أو ضد السيارات التى تُقل التلاميذ بالمخالفة للسعة أو المواصفات الآمنة أو المدارس التى تستأجرها مثلاً. فالمصطف لا يفكر، ولا يصْدُق قلبه وعقله العزم على الحل، إنما يتبع أول طرح يأتيه وكفى، دائماً ما أتساءل عن صاحب أول طرح. يكفى القرار الذى صدر بمنع سير النقل نهاراً ليأتى موعد تنفيذه ويُختزل تطبيقه داخل المدن، سأذكركم بأنها أيام ويعود الحال لعدم جدواه ولا إمكانه. – حين صدرت أحكام بحق متهمين أجانب قالت الدولة إنه لا مساس بسيادة الوطن، وحين أصدر الرئيس قراراً يعيدهم من حيث جاءوا قالت الدولة إن ذلك من أجل مصر أيضاً. ربما يتساءل الرئيس: ما بال المصريين إن تعثرت دابة حَمّلونى تَبِعَتها وإن خرج قطار عن مساره لبسوا جميعاً السواد على ضحاياه. أقول له: أنت يا سيادة الرئيس من طلب منهم أن يكونوا على قلب رجل واحد، هذا ما فهموه، فحين طالبوا بحرب الفساد لينشغلوا بمهماتهم لم يسمعهم أحد، وحين جزعوا لحادث الأوتوبيس أرسلت لهم «الدولة» للمساعدة. تعتقد الدولة خطأ أن الإعلام هو أحد أذرعها التى إن قبضتها ستحصل على شعب مصطف، وهو الهدف. فاصطف خطاب التحريض بنوافذ عدة وانشغل آخرون بجذب جمهور ولّى بقضايا خاسرة، فبدا يشبه حاله بهتان المؤسسات الحكومية وإن استمر سيصبح عديم الأثر! لا يعنى أن تكون الغالبية إلى جانبك أنك غلبت، فالغلبة لمن أصاب أهدافه وأحرز النتائج، والاختلاف هو قانون الله فى الأرض «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، ولن يستطيع أحد إلى مخالفته سبيلاً مهما فعل، لذلك وُجد العقد المنظم للعلاقة بين الحكم والدولة والمواطنين، لذلك وُجدت الدساتير وشُرعت القوانين، ودستورنا العظيم يحمل مادة تجعل المختلفين أمامها صفاً واحداً وهى المادة 218 التى تُلزم الدولة بمكافحة الفساد، وتعزز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام. صدقاً لا أرى جدوى من إثارة قضايا فساد ولا فائدة تُرجى من مقترحات لتحسين حال المواطنين وإعطاء أولوية للصحة والتعليم طالما ظل ملثمون يخشون كشف هويتهم يخرجون علينا بفيديو يتوعدوننا فيه.. فنرتعب.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا