الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

كيف وصلنا إلى هذا الحضيض؟

كيف

علمني أبي أن أقيم الناس بما في عقولهم وبأفعالهم وتصرفاتهم، كنا صغارا نقبل يد فلاحا تشققت من العمل في الأرض لأنه فقط يمتلك من الحكمة والكرم ما يبقينا حوله طوال الليل، كان مثلا أعلى ومصدرا للفخر.

ربما كان المجتمع في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات أقل انفتاحا لكنه كان أكثر تعقلا وموضوعية، لم نكن وصلنا بعد إلى الحضيض الاجتماعي، الذي يتم تقييم الإنسان فيه على حسب نوع الهاتف المحمول الذي يمسك به و”البراند” الذي يرتديه والسيارة التي يقودها.

صار علية القوم هم ركاب الـBMW وحملة الآيفون X و الذين يرتدون ملابسهم من محلات كايرو فيستيفال مول أو يشترونها من أوروبا والولايات المتحدة لبراندات عالمية.

ثم قادنا هذا الهوس المظهري لهوس أخر لدى لشباب الطبقة المتوسطة للتعلق بذلك الترف المظهري الغبي واقتناء قطع تضعهم في مصاف الطبقة العليا، وكأن التي شيرت القطني ذو الـ ٣ ألاف جنيه سيعطي قيمة لصاحبه تفوق الأخر الذي يرتدي أخر بـ١٥٠  جنيها.

صار عيبا أن يكون مصيفك في الاسكندرية أو حتى مارينا، النخبة الأن في هايسندا ومراسي، وكأنه بحرا غير البحر، رغم أن المصطافين افتقدوا تجمعات المصيف الأسرية القديمة ولعب الكوتشينة والمشي وركوب الدراجات والضحك حتى الصباح أمام Check In في مصيف يرتاده الأغنياء وصورة سيلفي على البحر.

ما أقبح مجتمع لا يقرأ ويضع صورة لكتاب على شبكات تواصله، ما أقبح مجتمع اعتبر كل أفراده منصاتهم الاجتماعية على الانترنت منصة للحكم على الغير والتظاهر بامتلاك ما يمتلكه الغير.

لا فائدة نرجوها من أجيال قد ترى كل التميز في قطعة من الملابس أو تليفون أو حذاء “ماركة” لأن طموحها هذا سيبقيها تافهة محدودة بلا انجاز.

على الرغم من أن أغلب هذه  “البراندات” لم يفعل شيئا مميزا سوى النصب على الأشخاص باللوجو والاعلانات ليقنعهم فقط بأنهم يقتنون شيئا مميزا.

يقول المنطق أن ملابسا نظيفة يرتديها شخص عاقل متزن مجتهد أغلى كثيرا من ملابس غالية يرتديها شخص تافه لكن عندما تكون تافها فعليك أن تبحث عما يشبهك.

 

 




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا