الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

اقتلوا «داعش» بصندوق الدنيا

أحدّث نفسى فأقول: لا شىء يعلو على بناء مصر.. ولكن كيف ذلك؟! بالاقتصاد والأمن.. وكيف نبنى الاقتصاد ونحقق الأمن؟! بالجهد.. ومن أين يأتى الجهد وحالنا بائس؟! بالأمل.. ومن أين يأتى الأمل؟! من البهجة! وكيف نبعث البهجة فى قلب شعب حزين؟! إذا كانت آلة الحرب هى التى ستدحر الإرهاب وتردع المخربين فمن يضمن كبح جماح الغاضبين البائسين الذين لا فرق عندهم إن أحرقوا العالم واحترقوا معه وأصبحوا مخربين أيضاً؟! ما فعلته الدولة من منح فقرائها وأغنيائها حق أن يتملكوا ويستثمروا فى مشروع اعتبرته عملاقاً هو مبعث كبير للأمل، وإعلامها عن ذلك فى ذكرى فض ميدان رابعة الذى انتحب له كثيرون هو إشارة إلى إدراك آخر.. سنحيا رغم كل شىء. لكن ذلك لن يكفى، فقد تغير المصريون وأصبح مزاجهم معقداً.. الفقر والبؤس واليأس وخيبات الأمل صاروا حلفاءهم، كيف تفسر نجاح أغنية «مايستهلوشى» والتى تخطى مشاهدوها على «يوتيوب» ثلاثة ملاين ونصف مليون مشاهد فى أسبوعين وأكثر دون أن تبثها الفضائيات التى تعول الدولة عليها فى التأثير؟! إنها تشبهنا، تشبه حالنا اليوم بعد أن تحولنا إلى أفراد ننظر للآخرين على أنهم.. مايستهلوشى، إن تحضر البشر يقاس بقدر حرصهم على الآخر واهتمامهم بألمه وإن خالفهم. وانحسار ذلك داخلنا ينذر بدواعش صغيرة.. تتحرك. شاركنى بعض الأصدقاء بمشروع بهجة سموه «صندوق الدنيا» يأخذ شكل حاوية تُثبت عليها أربع شاشات عرض إلكترونية تخزن بها ملاين الصور التى تحكى تاريخ القاهرة. حين تلمس بأصابعك منطقة جغرافية محددة تفتح بها باباً للتاريخ والذكريات، صور تحكى قصص الأماكن والبيوت وتحمل وجوه من ماتوا وعاشوا بعد موتهم أكثر، يمكنك أيضاً أن تضع صورك الخاصة، يمكننا جميعنا أن نضع صورنا ونتشارك بقصصنا.. معاً. أُخذت بالفكرة وقدرتها القاهرة على إحياء ما بداخلنا من أموات، وذهبت لأبعد من ذلك: كيف أنقل التاريخ عبر المدن، كيف أضع الأمس إلى جوار اليوم.. بلمسة واحدة أرجع إلى الوراء، وبأخرى أعود حيث أقف، ثم سألتهم: ترى هل يناسب المصريين أن يستخدموا مثل تلك الشاشات وأن نتركها هكذا للعامة؟! أجابونى: كان للدنمارك تجربة مماثلة، وضعوا تاريخ كوبنهاجن على حائط، وكان هناك من يقضون حاجتهم خلفه! لكن ذلك لم يوقف حلمنا بأن نكون معاً على حائط واحد. أسمع أحدكم يهمس: من أين لنا بكلفة ذلك؟! أطمئنكم.. الصور التاريخية تم جمعها، وأما عن كلفة الشاشات والحاوية وفريق صغير للعمل.. فاقتطعوها من ثمن الرصاص، وانثروا البهجة، فالرصاص يقتل أفراداً، والحب يحيى مدناً بأكملها. ادعموا المسارح، وأعيدوا مهرجانات القراءة واملأوا المكتبات بالقصص والروايات.. أطلقوا ساحات التظاهر للرسم وإلقاء الشعر والغناء، وساعدونا على زرع حدائقنا، وعوضونا عن ضيق حالنا بزرع الأرصفة والطرقات.. دعونا نلتقط صوراً أخرى لنا نضعها إلى جوار صور الشهداء.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا