الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

الحرب على الفساد.. هل نفلح؟

الشعوب دائماً ما تكون ضحية للفساد، يموت ذووهم ويضيق بهم الحال بسبب الفساد يحرمون قوتهم ويضيعون حياتهم لهثاً وراء هبات تمنحها حكومات فاسدة ضيعت تمييزهم بين الرضا واليأس.. بين الحق والمنّة، بسبب الفساد، حين يصنع شعب ثورة أو يمشى بركابها وإن رفع شعارات تطالب بديمقراطية أو تغيير فى نظم الحكم، فهو لا يفعل ذلك إلا لقناعته أو ظنه أنها الطريق الوحيد للقضاء على الفساد الذى أطبق عليه وحال بينه وبين نسيم يحمل هواء يريد أن يتنفسه. انتظرت وانتظرت ربما من فرط لهفة قد تحيى أملاً بأننا ربما لن نعيش ما بقى من العمر ضحايا وأشقياء ليعلن رئيس الجمهورية عن قراره بأن الفساد عدو وجبت حربه، سألتحق بحربه إذن وألصق بها ما استطعت، فقد كانت معركتى منذ ولدت، وقد تعبت من خوضها وحيدة.. لكننى أشهدكم أنها الأصعب من قضائنا على إرهاب وإن كان يشهر السلاح من خلفك. إلى ما قاله الرئيس ليواجه الفساد: تضافر جهود مؤسسات الدولة، تعيين الكفاءات، دعم الأجهزة الرقابية واستقلال القضاء.. إنه الحلم.. فكيف نناله؟ عادة ما يأخذ الفساد أشكالاً ثلاثة: ١- فساد البيروقراطية الإدارى الذى يمارسه الموظفون الرسميون فى المعاملات المعزولة الفردية باستخدامهم مكاتبهم سواء بتقديمهم الرشاوى أو العمولات أو فى مقابل تحقيق منافع أو مصالح خاصة، وتشكل تلك الممارسات التافهة بعد جمعها مشاركة كبيرة من الموارد العامة للدولة. ٢- الفساد العظيم الذى يتشكل بالاستخدام السيئ لمصادر الدولة بواسطة موظفين كبار رسميين يكونون أعضاء أو متعاملين مع النخب الإدارية أو السياسية فى الدولة. ٣- وأخيراً التقاط الدولة والتحكم بها باستغلال النفوذ وهو تواطؤ القطاع الخاص مع مسئولين سياسيين وحكوميين وتبادل المنافع لتحقيق التقاط أو سيطرة القطاع الخاص على أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية لأغراضهم الخاصة. ربما حين تقرأ ما سبق لا تجد خياراً فى أن تطلق صيحة كصيحة يوسف بك وهبى «ياللهول».. فبمصر الأشكال كافة، نعم هى كذلك، لكننا لسنا الدولة الوحيدة التى حُكمت بنظم فاسدة، ولذا فنحن لا نواجه شبحاً لم يسبق غيرنا فى مواجهته، وهنا لن يفوتنى أن أذكر بما قاله الرئيس: «مصر هتبقى كبيرة قوى غصب عن الناس كلها وسجلوا عليّا ده».. لن نسجله فحسب.. سنغنيه ونردده حتى تتذكره ونتذكره جميعاً إلى الأبد! أول العلاج التشخيص، وفى مصر الفساد متوطن وهذا يعنى أنه لمس أعلى مستويات الحكومة أو المتعاملين معها، لذا يجب ألا تتوقع أن يثمر تضافر جهود المؤسسات الحكومية كثيراً يذكر، بدليل أنك تجد كثيراً من أجهزة الدولة تتخذ ذات النهج باستخدام السياسات والأدوات ذاتها، ما يؤكد دقة تشخيصنا، وإذا كانت الإرادة الفكرية القوية هى أساس مكافحة الفساد، إذا أريد للمكافحة النجاح والاستدامة، فيجب أن نقر بأنها بإعلان الرئيس إرادته الخالصة والشعب معه دون كثيرين.. وهذا ما يجعل مهمتنا أصعب ويجعل استراتيجيتنا خاصة، ففى حالتنا يفتقد المسئول إلى الإرادة أو القدرة، أو كلتيهما، اللتين تجعلانه يتصدى للفساد، وقبل أن نضع حلولاً باستراتيجياتها يجب أن نتوقف أمام ماهية الظروف التى تشجع القطاعين الخاص والعام على الفساد وتجعلنا نعتقد أنه جزء طبيعى من يومنا، ونتجاوز ذلك إلى التصديق بأنه يجعل الحياة أسهل. هل كنت تعرف على سبيل المثال أن توقيف السائقين للمخالفات المرورية اخترع فى العالم كذريعة لتحصيل رشاوى! ما سبق كان البداية حتى نهاية «تكون فيها مصر كبيرة غصب عن الناس كلها».




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا