الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

سيناء كرامة

كرم القواديس الفاصل، الذى بدا لى كأنه أسقط ورقة التوت الأخيرة عن الجميع.. فجأة! البعض احترق خجلاً وألماً واحتله السواد حداداً، والبعض اعتاد التعرى طريقاً يوصله لمحطته التالية.. وتخبط واختلط جميعنا.. وأنا سقطت لا أعلم وجهتى إلا أننى منذ الجمعة البائس وأنا إلى أسفل كلما التقطت جانباً ينقذنى وجدته معيباً. فتركتنى مرغمة على السقوط لقناعتى أنه سقوط بشرف. زُرت سيناء مرات عديدة وبعد المرة الأولى عاد الشوق يتجدد للقاء حبيب بعد طول غياب، كل مرة، وهنا أتحدث عن سيناء رفح، الشيخ زويد، العريش، نويبع والأديرة بسانت كاترين، كنت ضيفة فى جميعها على أهلها البدو الكرام الذين اعتادوا أن يكونوا «مخالفين» فلم تترك لهم الدولة خيارات أخرى، كانوا يحدثوننى عن التهريب كأنه تجارة.. يحدثوننى عن استخدامهم الأفارقة «خدم» دون أوراق إقامة، باعتياد، وكانوا يتهامسون ضاحكين وهم يشيرون لمكان ما وراء الجبل حيث يمكث رجل عجوز مُتخلف عن حكم سجن بمائة عام ويزرع المخدرات! كان لمضيفينى حدائق زيتون يتلفونها لعدم كفاية المعاصر، وكان «الخارج» أقرب لى ولغيرى من سيناء، فكنا نشترى زيوتهم المستوردة! وظل داخلى من قابلت من المجاهدين والأبطال الذين حاربوا مع جيشنا، والمشايخ الذين عاهدوا الدولة فى السابق وكانوا أوفياء بعهدهم، حتى قبلوا العزاء فى أبنائهم الذين شطوا! خيبت الدولة الجديدة أملى، لا أدرى هل أنا الحالمة أم أنى شديدة العشم! منذ أن أُزهقت ثلاثون روحاً غدراً انطلق الخبراء الاستراتيجيون ناصحين بـ«التهجير» ضرورة إلزامية للنيل من الإرهاب، وكأن مهمتهم الأساسية استعداء الرأى العام ومنح المعادين مفردات يلوكونها أداة للحرب، وانتظرت الدولة.. ووجدتها جَزِعة كمعظمنا، ولم يأتِ الرئيس بجديد، عدوان خارجى ومعركة وجود، رغم ذلك عَقب المحللون أنفسهم بأن التصريح بالغ الخطورة! -ألم تكن ثورة ٣٠ يونيو صفعة على جبين مُخطط أُحيك لمصر أعقبها تحملنا ركلات من أجل الوجود- ثم حدث كل شىء بالترتب المعكوس، أعلنت الدولة الضرورة المتأخرة بإخلاء الشريط الحدودى ونفذت فى اليوم التالى دون أن تهمس فى آذان المصريين بأنهم أولوية. كنا توقعنا اجتماعاً استباقياً للمحافظ مع الأهالى بحضور القيادات أو ربما زيارة لرئيس الوزراء لتنتهى باتفاق يمثل احترام القانون ويعلن عن التعويضات لمستحقيها وإمهالهم مهلة لتدبير حالهم.. وجدت فى العجلة «رَبكة» وفى ما سبق ضعفاً أسقطنى أكثر. (#الجيش_المصرى_رجال).. كان إحدى وسائل الدفاع المعنوى التى أوقفنى فيها تأكيد النوع بـ«رجال» فجميعنا يعلم أن الجيش المصرى لا يشرك بقوامه النساء! أطلق الهاشتاج محيطون بمحيطين بالرئيس وتناقله صحفيون مقربون منهم لينشروه عبر وسائط التواصل الاجتماعى، وكعادتنا للمبادر والسّباق حق، وللمختص تجاهل وتضييق، فلو أرادو للهاشتاج الانتشار عبر التعاطف أكثر من النقد ربما لنصحتهم بآخر مثل (#شهداء_جيشنا_أبطال) أو (#تقبل_الله_شهداءنا) لكنهم أرادوا تحقيق نصر على ساحة افتراضية فأخفقوا فى توحيدنا بهاشتاج بعد مصاب كبير وحدنا حزناً. «يندس بينكم مخربون ويجب أن نتصدى لهم معاً» جملة مباشرة انتظرتها من مسئول لأهالى سيناء ولم أسمعها فور الحادث. نحن نحارب أفكاراً لا تموت بموت معتنقيها، تموت باعتناق أفكار مضادة، والإرهاب والخراب يضاده التعمير والعمار والفن والاحتواء والعدل والسلام، وسيناء وُعدت فى النظام السابق وما أعقبه من سنوات ثائرة بمليارات لخطط بناء وتعمير ظلت أوراقاً ترتب الأدراج ولا تغادرها ولم نذكرهم ولو بهاشتاج مثل (#سينا_رجعت_كاملة_لينا) أو نذكر أنفسنا بأن سيناء كرامة.




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا