الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

كن أنت التغيير الذى تريده!

طالما دام الأمل، قل عفا الله عما سلف وحاول، حاول أن تعمل أن تكتب، حاول أن تصلح.. حاول أن تبدأ من جديد. كن أنت التغيير الذى تريده ولا تدع المفسد يمر! فى أبريل 1994، أطلقت الأغلبية فى رواندا حملة إبادة ضد الأقلية وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل نحو 900.000 شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب، وأُودع 100.000 السجون، ثم قامت الحكومة بما سمته «الاتحاد والمصالحة» -شكل من أشكال العدالة مستوحى من التقاليد- ليكون منهاجاً للتعامل مع مئات الآلاف من الأشخاص المتهمين بالجرائم أثناء الإبادة الجماعية، ورغم الانتقادات التى وجهت للسلطة كونها التى انتصرت فى الحرب العرقية، فإن الإصلاح قاد إلى إصدار أول دستور حقيقى بعد استفتاء 2003، كفل لجنة لإصلاح آثار الحكم السيئ عن طريق التعليم، وتطلب تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% فى جميع عمليات صنع القرار. أيام وتعلن الحكومة عن استراتيجية لمكافحة الفساد.. دقوا المزاهر للاحتفال، واستعدوا للخلاص فخلاصكم رهينة بالقضاء على الفساد، وإن تقاعست الحكومة وإن تباطأت أو استبطأت، كونوا وقودها لخلاص وطنكم.. أمسكوا بالفرص الأخيرة، ربما لا تكون الاستراتيجية مرضية فأنا لم أسمع عن حوار مجتمعى أدير حولها ولم أسمع ملامح وآليات تنفيذ لقانون القضاء على المحسوبية، رغم ذلك أرى ضوءاً لنلحقه، عظم وعى المواطنين بأن إرهاب الفساد أشرس وأكثر ترويعاً، واستجابة الدولة. حين صدر تقرير منظمة الشفافية الدولية وأعلن عن تحسن ترتيب مصر ٢٠ مركزاً فى معدلات الدول الأكثر فساداً، انشغل الحقوقيون والإعلام بتحليل أسباب الترتيب والبحث فى استراتيجيات الدولة. أقول: المجتمع المدنى جزء لا يتجزأ من المجتمع ككل لذا وجبت مشاركته، فلتعلن الحكومة عن خطة واضحة، ولتسند المتابعة للمؤسسات المدنية كل يُعطى ملف، ولنستمتع بالمنافسة والمشاهدة! منظمة الشفافية الدولية هى منظمة مجتمع مدنى لديها أفرع بدول العالم فلتكن لنا مؤسسات مماثلة يتعاون معها الشعب وتمنحها الدولة المعلومات، فالأفضل أن نكون نحن الرقباء على أنفسنا! النخبة الصالحة هى أحد أهم الأسلحة المقوضة للفساد والعكس بالعكس وكثيراً ما أعطانا التاريخ قصصاً عن الفساد الذى زينته النخب الفاسدة للسلطة وساهم فى تضليلها، وكتبت فى مقال سابق أن تغييرها واجب ويستلزم إرادة حقيقة فى الإصلاح، وما فعله الرئيس بلقائه شباباً من الإعلاميين الواعدين يصب فى ذلك، وأحسب وأرجو أن الإعلام لن يكون الحقل الوحيد الذى سينبش فيه الرئيس ويقلب عاليه واطيه ليترك العمل والكفاءة محددين لإعادة ترتيبه. العدالة ليست أن نُؤتى حصصاً متساوية، العدالة أن نُؤتى ذات الفرص ونجتهد. توقفت كثيراً أمام جملة قرأتها لعدد من الزملاء ممن شاركوا فى حوار الرئيس «لم نشرب شاى بالياسمين»، وأقول: يستحيل إصلاح وضع عام وبناء وطن دون الجلوس إلى السلطة ومشاركتها، والفخ الذى نصبته النخب الفاسدة عبر العصور هو من وضع الشرفاء المخلصين فى مواجهة السلطة بالحجارة لا بالحجة والشراكة ليظل أصحاب المصالح هم الأقرب، فليكن البناء إذاً هو الفصل، وادعموهم. بعد سنوات قضاها آلاف الروانديين فى السجون بتهم إبادة جماعية عرقية خرجوا ليعملوا معاً بعد إلغاء استخراج بطاقات الهوية التى ساعدت على الإبادة، يتمتعون بصحة جيدة بعد مرض، يخطون مستقبل أولادهم لتعلم رواندا العالم! ونحن، نعتقد أننا قد نظل فرقاً «فلول وإخوان، عسكريون، سلف ونشطاء، حقوقيون وكنبيون، شرفاء ومتعاونون» نواجه تحديات التغيير والتنمية بوجوه وأجندات مختلفة ونعتقد أن كلاً منّا على حق! هل يمكن أن تطلق الدولة شعار مصر تحارب الفساد وتضعه الشاشات ونعلقه على صدورنا، هل يمكن لذلك أن يتحقق.. لنعبر؟!




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا