الكبيرة : رشا الشامي

المعلم : أسامة الشاذلي

نناشدكم أن تنصفوا

فى قصر الرئاسة التقى الرئيس بأصحاب بعض المبادرات، هؤلاء الذين آمنوا بالعمل النبيل ولم ينتظروا الحكومات. لفتنى أن قرأت فى البيان أنّ من بين من التقاهم الرئيس أصحاب «هنلوّنها»، واستوقفنى ذلك، فقد كنت قد شرُفت باستضافة مؤتمر للمبادرات (تيدكس بورتوفيق) قبل لقاء الرئيس بأيام، وكان من بين المشاركين صاحبة مبادرة تلوين المدينة الرمادية، فاتصلت بها للتهنئة، وكانت المفاجأة أنها أخبرتنى أنهم لم يكونوا ضمن المدعوين، فقلت لها: كيف ذلك؟ قالت إن «هنلوّنها» لديهم من يوصلهم بالرئاسة! واستطردت أنها وفريقها حزنوا كثيراً لما اعتبروه إجحافاً، فهم أصحاب الفكرة وأول من نفذها، وأُسقط فى يدى، كيف لى الآن أن أبثها أملاً خائباً؟! كانت تتحدث بانفعال وأسى، وما إن تأتى على ذكر كلمة الرئاسة كانت تخفض صوتها حتى لا أكاد أسمعها، فأسألها أن تعيد، حتى أدركت قلقها، فبدأت فى ترديد الكلمة ذاتها أكثر من مرة دون داعٍ بصوت مرتفع وحروف مكتملة حتى تبعتنى وأخبرتنى أنها ستمضى فى شكواها لعميد الكلية، وأن أحاول مساعدتها من خلال قلمى. و«تيدكس» هو مؤتمر يجمع أصحاب الأفكار والمبادرات شريطة أن يكونوا أول من بادر وفكّر وإلا رُفض المؤتمر! القائم على جمع المبادرات وإجازتها شاب فى الـ٢٤ من عمره تكبّد من جيبه ١٦ ألف جنيه لينجز مؤتمره كما يلزم وإلا حُرم من إعادة تجربته العام المقبل. وحين سألته: كم استغرقك لتختار الـ١٨ مشاركاً؟ أجابنى: ٨ أشهر من العمل. بدأت مبادرة تلوين المدينة الرمادية فى ٣١ من أغسطس وأسست صفحة على موقع «فيس بوك» بعد ذلك بأسبوعين وأنجزت التالى: سلالم وأعمدة كوبرى ١٥ مايو جهة الجيزة، تلوين الجدار بمنزل كوبرى ١٥ مايو، تلوين ٣ سلالم مترو وجدار منزَل الكوبرى بغمرة وسلم كلية تجارة عين شمس وتجميل جامعة حلوان، وقد انتهوا من سلم بالبوابة الرئيسية. فيما قامت «هنلونها» باللحاق بفكرة زملائهم بعد أسابيع ليلونوا سلمين بكوبرى أكتوبر بميدان عبدالمنعم رياض ويرسموا وجوهاً على جدار بمطلع أكتوبر بالزمالك انتقدها أساتذتهم بكلية الفنون الجميلة! والمفارقة الفارقة أن عميدة الكلية تشهد للمبادرين، ما يؤكد أن أحداً من الرئاسة لم يتصل بها أو يطلع على التصاريح التى استخرجها كلا الفريقين ليعرف من منهما صاحب الفكرة أو من شارك بالأساس. ويبقى سؤال: كيف نجح شاب فى تطبيق معايير منصفة فيما أخفق من لا نعرفه بالرئاسة فى أن يعكس لنا ذات الصورة المحترفة؟! أن تتضمن استراتيجية محاربة الفساد مناشدة الإعلام والمواطنين التصدى له دون أن تمتلك كيفية وآلية أمر مُخجل فمن يقع بيديه ما يثبت واقعة فساد فإلى الإعلام يركض وإن لم يستطع فإلى الله يحتسب! كما أن توظيف الكفاءات يعنى بالقطع أن ينتفى شرط الوطنية من خطابات الرئيس والمسئولين، فكل من هو كفء لعمل ما دون أن يدان بقضايا تُخل بالشرف له حق أن يُكلف دون شروط مستحيلة القياس. حتى تعلن الدولة عن هيئة تستقل عن الحكومة تلتزم بأقصى درجات الشفافية حول خطتها وتقسم الفساد إلى قطاعات كأن تبدأ مثلاً بالفساد فى التعليم بمحافظة أو الفساد فى الصحة بأخرى وتضع آليات لتمكين المواطنين من مصالحهم والمراقبة وتعلن عن معاقبة المقصرين بعد ثبوت إدانتهم. حتى أشهد هذا اليوم لن أصدقكم، لن أصدق حكومة تريد أن تحارب شبحاً لم تُعرّفه واستندت إلى تعريفات عامة! رغم إعلان الحرب لماذا لا تعلن الحكومة عن إقالة مسئول صغير أو كبير بسبب فساده لكى تؤسس لمجتمع ينبذ الفساد كما تقول، ولماذا تستر الفاسد وإن أُقيل لفساده؟!




 تعليقاتكم

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

احدث الافلام حصريا ومجانا